وحين وجد أمير اللواء ضرورة في نجاته ، وحاجة ماسة إلى الأموال التي غدت نادرة لديه ، استدان من أحد التجار الأرمن ، وهو من الأثرياء وقد وصل إلى أربيل توّا لشراء العفص منها والذي يكثر فيها ، ثلاثمائة دوقة الأمر الذي وضع ذلك التاجر في خطر كبير ، لأن المتمردين ما إن علموا بذلك حتى استاؤوا منه وهددوه فاضطر إلى أن يمكث مدة أطول كيما تتهيأ جماعة أكثر عددا يستطيع السفر معها بأمان.
وبعد أن انضم إلينا ذلك التاجر الأرمني نفسه رحلنا من أربيل في الخامس من كانون الثاني سنة ١٥٧٥ م في عدد كبير من البضائع ، إذ إن ذلك التاجر وحده كان يملك حوالي خمسين بعيرا وحمارا محملة بالعفص الذي يريد نقله إلى «قره آمد» (ديار بكر) التي يسكن فيها ومن هناك يبعث به إلى حلب حيث يقبل التجار هناك على شرائه وإرساله إلى بلادنا الأوروبية. وهكذا أمضينا النهار ونصف الليل الذي أعقبه ونحن نعد السير دون أن نتناول أي طعام أو شراب إلى أن توقفنا للاستراحة بعد منتصف الليل.
بعد أن أمضينا بقية الليل في التزود بالطعام والشراب لنا ولدوابنا استأنفنا مسيرتنا عند انبلاج الصبح. وحين كنا نسير في سهول مزروعة مثمرة وصلنا إلى نهر آخر سماه «بطليموس» باسم «كابروس» (١) وهو وإن لم يكن عريضا لكنه عميق الغور جدّا ، ولذلك وجب علينا أن نعد وسيلة ما لعبوره ، مما جعلني أحرص كل الحرص على وقاية النباتات التي جمعتها والتي كنت أضعها أمامي على ظهر الجواد الذي كنت أمتطيه.
واصلنا سفرتنا بعد الظهر فقطعنا مسافة لا بأس بها من الطريق حتى
__________________
(١) كابروس Caprvs هو نهر الزاب الكبير.