رجالنا إلى استفزازهم فوجه إطلاقة نحو البعير وأصابه معلنا بذلك لبقية الرجال بأن يستعدوا لإطلاق النار وحينئذ لم يمكث الأكراد إلا قليلا وولوا الأدبار ثانية ، وهكذا بقينا يقظين طيلة الليل وفي حراسة جيدة حيث استأنفنا مسيرتنا في صبيحة اليوم التالي فبلغنا قفرا قاحلا واسعا لا إنسان فيه ولا حيوان ، ومضينا في رحلتنا حتى الظهر حين أقمنا خيامنا في مكان واسع محاط بجدران وخنادق أشبه بالحصن ، مما يكثر وجوده في مثل تلك الأنحاء الخطرة.
وما إن أقمنا هناك حتى أقبل علينا اثنان من الأكراد زعما بأنهما قد أرسلا إلينا لتسلم الإتاوة المفروضة على القافلة لأن المكان يعود إليهما ، غير أن تجارنا سرعان ما تأكد لديهم كذب مزاعم ذينك الكرديين ، فامتنعوا عن إعطائهما أي شيء مما أثار سخطهما فعمدا إلى امتشاق حساميهما وإشهارهما بوجوهنا. وإذ ذاك لم يقف رفاقنا مكتوفي الأيدي بل أسرعوا في امتشاق سيوفهم وهجموا عليهما وطردوهما من المخيم.
بعد أن انتهت هذه الضجة تناولنا طعام الغداء ثم استرحنا وأطعمنا دوابنا ومن بعدها عاودنا السير مرة أخرى حيث بدت أمامنا بعض الجبال التي أخذنا نقترب منها عند حلول الظلام ، وقد شاهدنا أحدها وهو أكثر ارتفاعا من البقية يقوم فوق أحد السهول مما حملنا على الاعتقاد بوجود جبال أخرى تقع خلف هذه الجبال في شكل كمين ، وقد تحقق لنا ذلك فعلا لأننا ما كدنا نجتاز أحد تلك الجبال حتى ظهر لنا من ورائها عدد كبير من الجنود يبلغ فوجين كانوا يمتطون ظهور الخيل ويسيرون كل ثلاثة في صف واحد ، وقد أصبحوا في النهاية على مرمى سهم منا ، وكان معظمهم يحملون الرماح.
وإذ بدا لنا ، وكأن أولئك الجند يحاولون الهجوم علينا ، جمعنا فلول قافلتنا وتهيأنا لصدهم ، وقد ربطنا دوابنا بعضها بالبعض الآخر ، وعقلناها