من أرجلها كيلا تتحرك ، ووقف خلفها المكاريون وهم يحملون سهامهم بينما وقف خلفهم بقية الرجال الذين لم يتزودوا بالأسلحة والخيل جيدا ، وذلك استعدادا لإطلاق النار على العدو عند الحاجة إذا ما حاول الهجوم علينا وتوجيه إطلاقات بنادقنا إلى خيله.
بعد مضي ساعة على ذلك بعثنا باثنين من جماعتنا إلى الجند كما أرسلوا هم بدورهم اثنين من جانبهم للتفاوض ومع أنني لم أعرف نوع الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين مندوبينا ومبعوثيهم ، إلا أن أولئك ما إن تحادثوا كثيرا حتى غادرونا في الحال وسرنا نحن في طريقنا ، وإذ ذاك شرعنا في تنظيم قافلتنا ، التي كانت تضم أناسا كثيرين وعددا كبيرا من الإبل والدواب الموسقة بالحمولة ، بشكل أحسن من ذي قبل ، حيث قطعنا في ذلك اليوم مسافة جيدة ووصلنا في النهاية إلى قرية صغيرة خيمنا عندها وأمضينا الليل كله هناك.
لم نجد في هذا المكان شيئا من الحطب وكنا نعاني نقصا في الخبز أكثر من بقية المواد الغذائية الأخرى. وقد زاد سرورنا حين حصلنا على الخبز ، وفي الوقت ذاته أقبل سكان القرية نحونا ليجمعوا روث الدواب كما اعتادوا أن يفعلوا ذلك في أماكن عديدة ، ولا سيما في الصحراء ، لإشعاله بدلا من الحطب الذي يأتي استعماله في الدرجة الثانية بعد روث الحيوانات.
ويحفر هؤلاء السكان داخل خيامهم أو بيوتهم حفرات يبلغ عمق الواحدة منها قدما ونصف قدم يضعون فيها أوعيتهم الفخارية التي يحفظون في القسم العلوي منها ما لديهم من لحوم ثم يملأون ثلاثة أرباع حيز الحفرة بالحصى ويتركون الربع الأخير فارغا يضعون فيه الروث والقش فيشعلون فيه النار ومن ثم يضعون الوعاء على النار ليطهوا اللحم بسرعة أكثر مما نفعله نحن عادة.
إن سكان هذه القرى فقراء ، ومعظمهم يعاني النقص الشديد في الغذاء ، وهم يفعلون نفس ما فعله اليهود عند حصار «القدس» حين