اضطرتهم الحاجة إلى أن يطهوا طعامهم ببراز الإنسان والحيوان معا ، كما ورد ذلك في الإصحاح الرابع من «سفر حزقيال».
لقد أمضينا هذه الليلة والليالي الأخرى التي أعقبتها في الحراسة أكثر من النوم ، ورحنا نتمعن بتأمل فيما تحفل به السماء من فوقنا والتي يشاهدها الكثيرون من أبناء الأمم عادة ، ولا سيما العرب الذين يبيتون دوما في العراء دون سقف يحميهم ، وبهذا أصبحوا يعرفون من مشاهدة النجوم ساعات الليل والوقت الذي ينبغي لهم أن يستيقظوا فيه. فهم لا يهتمون كثيرا بأسرة النوم بل يستعملون بدلا عنها العباءات والأبسطة التي يلفون أنفسهم بها فيستدفئوا بها ولهذا لا يمكن للمطر أو الجليد أو الندى أن يصيبهم بأي أذى.
غادرنا موقعنا صباح اليوم التالي بعد طلوع الشمس فأمضينا النهار كله في السير دون أدنى عائق ، فاجتزنا جبالا عديدة ، كما مررنا في اليوم الثاني بصحراء رملية عميقة الغور أعاقت سيرنا كثيرا.
وحين بدأ الظلام يرخي سدوله كانت دوابنا قد كلت وأوشكت أن تسقط من وطأة الأثقال التي كانت تحملها وسببت لنا المتاعب ، ورغم ذلك ، ولأن مدينة نصيبين لم تعد تبعد عنا سوى أربعة أميال ، فقد تخلينا عن الطريق الوعر الذي كنا نسير فيه إلى طريق آخر يمر عبر المروج والينابيع التي كانت تنساب إلى أماكن بعيدة ، ولذلك أسرعنا في السير حتى وصلنا نصيبين في وقت متأخر من الليل.
وهذه المدينة جميلة الموقع وهي تخضع لحكم السلطان التركي لكنها ليست كبيرة ، وتقوم فوق مرتفع ، وتحيط بها الأسوار والخنادق المحصنة إحاطة جيدة.
والمدينة ملأى بالينابيع والقنوات ولا سيما في المضرب الذي أقمنا فيه خمسة أيام انتظارا لوصول جماعة أخرى من المسافرين.