وسهامه نحوي. وحين وجدته مهتاجا وتذكرت كيف أضعت شرابي في السفينة حين سارت بنا في اليم ، لم أتأخر هذه المرة بل سارعت إليه وأمسكت بإحدى ساقيه فأسقطته من فوق حصانه قبل أن يطلق سهمه نحوي ، وهكذا أخذ أحدنا يلكم الآخر طويلا إلى أن جعلته يترنح في النهاية. وإذ رأى المسافران الآخران معنا أننا قد أفسدنا التمتع بمرأى الثلوج ، وأنني قد تغلبت عليه ووجهت إليه لكمات عديدة ، بادرا في الحال إلى الفصل بيننا وإعادة الصلح.
وحين وجدت أنهما لم يحملاني تبعة ما حدث ، وأن علينا أن نسافر سوية ، قررا أن يظهرا صداقتهما لذلك اليهودي ثانية. وعلى هذه الشاكلة مضينا في رحلتنا فوصلنا أثناء الليل إلى قرية تقع في واد ضيق يمتد عند سفح مرتفع عال عثرنا على إصطبل كبير بالقرب منه فتوجهنا إليه وكان هذا الإصطبل منحوتا في الجبل. وهكذا أمضينا الليلة فيه ولم نستطع أن نرى شيئا منه سوى مدخله. ذلك لأن المألوف في هذه المناطق الجبلية أن تنحت مثل هذه الإصطبلات في الجبال ، وأن تبيت القوافل فيها بأمان ، وتستطيع أن تقي نفسها من البرد أيام الشتاء.
كان هذا الإصطبل (الذي يبلغ طوله خمسا وعشرين خطوة وعرضه عشرين خطوة وعلى ارتفاع متساو من كل الجهات) قد تمّ نحته في إحدى الصخور.
وعند منتصف الليل تقريبا ، وحين كنا في أول إغفاءة ، طرق علينا أحد سعاة بريد السلطان باب الإصطبل. وكان هذا الساعي قد وصل إلى هنا من بغداد في مدى ستة أيام ، وقد جاء إلى الإصطبل يبحث عن بعض الخيول غير المتعبة (لأن خيله قد تعبت ولم يستطع الحصول على غيرها أثناء الطريق على خلاف ما يحصل في بلادنا الأوروبية التي ينتظم فيها أمر البريد) وقد دخل الساعي الإصطبل فأخذ من المكاري ثلاثة خيول ، كما أخذ حصانين من اليهودي (الذي سبق أن تنازعت معه). ذلك أن هؤلاء