الواحد منهم بالآخر ، فإنهم ـ أي الأتراك ـ يفرحون آنذاك بهذا البلاء الذي حل بنا ، ولا يخافون أي ضرر قد نلحقه بهم ـ وهذا ما نستطيع أن ننجزه بيسر لو كنا متحدين ـ بل يهددوننا بما سينزلونه بنا من أضرار.
وحين يستولي الأتراك على مدينة محصنة أو على البلد كله بحد السيف ، وذلك ما يقدرون عليه من دون عساكر كبيرة أو متاعب أو أخطار ، فإنهم يدمرون الأماكن غير الحصينة فيها ، ويبعدون من فيها من النبلاء والشخصيات البارزة ـ لأن هؤلاء قد يلحقون أضرارا جسيمة ـ ثم يحلون محلهم أمراء الألوية بعساكرهم وذلك للمحافظة على الأماكن المحصنة ، والاهتمام بجباية الإيرادات للسلطان ، ولذلك لا نجد في مثل هذه البلدان المحتلة أحدا من النبلاء المتحدرين من سلالات حاكمة قديمة ، ممن ظلوا محتفظين بمقاطعاتهم وأملاكهم الخاصة بهم والتي يتوارثونها أبا عن جد. وهذا ما يتصوره المرء عندما يأخذ بنظر الاعتبار شريعة «محمد» التي تسمح للرجل بأن يتزوج من أربع زوجات في وقت واحد بالإضافة إلى الجواري أو الإماء حسب هواه.
ولا أريد هنا أن أتحدث عن حرية الطلاق عند المسلمين لأدنى سبب ، واستبدال الزوجات المطلقات بأخرى جديدات مما ينجم عنه الخلافات والقلاقل إلى درجة أنه لا توجد سوى قلة من الأطفال ممن يعرفون آباءهم (١) ولا يظهر بينهم سوى القليل من الود مثلما يفترض المرء ذلك. على أن هذا الأمر لا يحط من قدر الرجال بل يزيدهم شهرة لأن الناس يستنتجون بأن الرجال الذين يحتفظون بعدة زوجات إنما يتصرفون
__________________
(١) هذا أمر مبالغ فيه جدّا من جانب المؤلف إذ إن من النادر أن لا يعرف الولد أباه إلا إذا كان أبوه قد طلق أمه وهي حامل به أو كان في الأشهر الأولى من عمره وانقطعت صلته به وبأمه بتاتا منذ وقوع الطلاق. كما أن الزوج لا يستطيع أن يمتلك ما يشاء من الإماء ، إلى جانب زوجاته الأربع.