ثمّ ضرب فرسه واجتاز إلى عسكر الحسين عليهالسلام ، واضعاً يده على رأسه وهو يقول : اللهم إليك أتيت تائباً فتُب عَليّ ، فقد أرعبت قلوب أوليائك وأولاد أنبيائك.
فقال للحسين : جعلت فداك يا ابن رسول الله ، أنا صاحبك الّذي حبستك عن الرجوع ، وسايرتك في الطريق ، وجعجعتك في هذا المكان ، وما كنت أظنّ أنّ القوم يبلغون منك ما أرى ، وأنا تائب إلى الله ، فهل ترى لي من توبة يا أبا عبد الله ؟
فقال له الحسين عليهالسلام : « نعم يتوب الله عليك ». ثم قال له : « انزل ».
فقال الحرّ : أنا لك فارساً خير منّي لك راجلاً ، أقاتلهم على فرسي ساعة وإلى النزول يصير آخر أمري.
ثمّ قال : إذ كنت أوّل خارج خرج عليك ، فأذن لي أن أكون أوّل قتيل بين يديك ، لعليّ أكون أوّل من يصافح جدّك صلىاللهعليهوآله وأباك عليّاً في عرصات القيامة.
فأذن له الحسين عليهالسلام ، فتقدّم الحرّ إلى عساكر الكوفة ، ثمّ نادى : يا أهل الكوفة ، لأمّكم الهبل ، دعوتم هذا الرجل المؤمن حتّى إذا أتاكم خرجتم لقتاله ومنعتموه الماء الّذي تشربه الكلاب والخنازير ، لا سقاكم الله يوم الظمأ.
ثم إنّه همز جواده ، وقوّم سنانه بين أذن حصانه وقاتل قتالاً يسرّ الأحرار ، ويرضي الجبّار ، وهو ينشد ويقول :
إنّي أنا الحرّ ومأوى الضيف |
|
أضرب في أعناقكم بالسيف |
أضربكم ولا أرى من حيف |
|
عن خير من حلّ بأرض الخيف (١) |
وروي أنّ الحرّ لمّا لحق بالحسين قال رجل من تميم يقال له يزيد بن سفيان : أما
__________________
(١) ورواه المفيد في الإرشاد : ٢ : ٩٩ مع اختلاف في بعض الألفاظ ، وعنه البحار : ٤٥ : ١٠.
ورواه الطبري في تاريخه : ٥ : ٤٢٨ ، وابن الأثير في الكامل : ٤ : ٦٤ ، والسيّد ابن طاوس في الملهوف : ١٥٩ مع اختلافات لفظية.