الاجتهاد ، المشهود له بالكرامات ، والمواظب على الطاعات ، يبيت الليل ساجداً وقائماً ، ويقطع النهار متصدّقاً صائماً ، ولفرط حلمه عن المتعدّين عليه دعي كاظماً.
كان يجازي المسيء إليه بإحسانه ، ويقابل الجاني عليه بعفوه وغفرانه ، وقد اشتهر بين الفريقين بالعبد الصالح ، وعرف في العراقين بباب الحوائج والمنائح.
فهذه الكرامات العالية المقدار ، الخارقة للعوائد في كلّ الأعصار ، هي على التحقيق حلية المناقب ، وزينة المزايا والرغائب ، لا يؤتاها إلاّ من أفاضت عليه العناية الربانيّة أنوار التأييد ، وهطلت عليه التوفيقات السبحانية رذاذ التقديس والتسديد ، ( وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) (١). (٢)
وروي في الكافي عن محمّد بن العبّاس بإسناده عن جميل بن درّاج قال : قلت لأبي الحسن عليهالسلام : أتأذن لي أن أحدّث الناس بحديث جابر ؟ (٣) قال : « لا تحدّث به السفلة فيذيع [ و ] ه ، أما (٤) تقرأ : (إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم ) ».
قلت : بلى.
قال : « إذا كان يوم القيامة وجمع الله الأوليّن والآخرين ولانّا الله حساب شيعتنا ، فما كان بينهم وبين الله حكمنا على الله فيه ، فأجاز حكومتنا ، وما كان بينهم وبين النّاس استوهبناه منهم ، فوهبوه لنا ، وما كان بيننا وبينهم فنحن أولى من عفى وصفح » (٥).
__________________
(١) سورة فصلت : ٤١ : ٣٥.
(٢) مطالب السؤول لابن طلحة الشافعي : ص ٢٨٩ وفي ط : ٢٩٢ الباب السابع ، مع اختلاف في بعض الألفاظ.
(٣) في المصدر : « قلت لأبي الحسن عليهالسلام : أحدّثهم بتفسير جابر » ؟
(٤) في المصدر : « قلت لأبي الحسن عليهالسلام : أحدّثهم بتفسير جابر » ؟
(٥) رواه محمّد بن العباس كما في تأويل الآيات للاسترآبادي : ٢ : ٧٨٨ ح ٧ ، وعنه البحراني في البرهان : ٤ : ٤٥٦ ح ٦ ، والمجلسي في البحار : ٨ : ٥٠ ح ٥٧ من باب الشفاعة من كتاب