ثمّ خرج عقيل (١) غلام العسكري فقال : يا سيّدي قد كُفّن أخوك ، فقم فصلّ عليه.
فدخل والشيعة من حوله ، [ فلمّا صرنا في الدار ] فإذا نحن بمولاي الحسن بن علي مكفّناً على سريره فتقدّم جعفر ليصلي ، فلمّا همّ بالتكبير خرج علينا صبيّ صغير بوجهه سمرة ذو شعر قطيط فلج الأسنان ، فجذب رداء جعفر وقال : « تأخّر يا عم ، فأنا أحقّ بالصلاة منك » (٢).
فتأخّر جعفر وقد انتقع لونه ، وتقدّم الصبيّ وصلّى على أبيه عليهالسلام [ ودفن إلى جانب قبر أبيه ، ] ثمّ التفت إليّ وقال : « يا بصري ، هات جواب الكتب الّذي معك » (٣). فدفعتها إليه ، فقلت في نفسي : هذه علامتان ، وبقي الهميان ، ثمّ خرجت إلى جعفر وهو يزفر حنقاً ، فقلت له : من الصبي ؟ (٤) قال : والله ما رأيته قطّ ولا عرفته.
قال أبو الأديان : فبينما نحن جلوس إذ قدم نفر من قم فسألوا عن الحسن بن علي فعرّفوا بموته ، قالوا : فمن بعده ؟ فأشار بعض الناس إلى جعفر ، فسلّموا عليه وعزّوه وقالوا : معنا كتب ومال ، فعرّفنا ممن الكتب وكم المال ؟
فقام جعفر ينفض أثيابه وقال : تريدون منّا أن نعلم الغيب ؟! [ وخرج جعفر ].
قال أبو الأديان : فجاء غلام ـ وفي نسخة خادم ـ وقال لهم : معكم كتاب فلان وفلان [ وفلان ] ، وهميان فيه ألف دينار وعشرة دنانير ، منها مطليّة. فدفعوا الكتب والمال وقالوا : إنّ الّذي وجّه [ بك ] لأخذ المال هو الإمام.
قال أبو الأديان : فعلمت صحة ما قال أبو محمّد الحسن عليهالسلام من أمر الهميان ، فدخل جعفر الكذّاب على المعتمد فكشف له وجود ولد الحسن عليهالسلام ، فوجّه
__________________
(١) في كمال الدين : « عقيد ».
(٢) في المصدر : « أحقّ بالصلاة على أبي ».
(٣) في المصدر : « جوابات الكتب الّتي معك ».
(٤) في المصدر : « فقال حاجز الوشاء : يا سيّدي ، من الصبي ؟ ».