روي في كتاب الاحتجاج أنّه وفد الحسن بن علي عليهالسلام على معاوية ، فحضر مجلسه وإذا عنده جماعة من بني أميّة ، وهم مروان بن الحكم والمغيرة بن شعبة والوليد بن عقبة وعتبة بن أبي سفيان لعنهم الله أجمعين ، ففخر كلّ واحد على بني هاشم وذكروا أشياء إساءة للحسن عليهالسلام ، وبلغت منه مبلغاً عظيماً فقال الحسن عليهالسلام : « أنا شعبة من خير الشعب ، آبائي أكرم العرب ، لنا الفخر والنسب ، والسماحة عند الحسب ، من خير شجرة ، أنبتت فروعاً نامية ، وأثماراً زاكية ، وأبداناً قائمة ، فيها أصل الإسلام ، وعلَم النبوّة ، فعلَونا حين شمخ بنا الفخر ، واستطلنا حين امتنع بنا العزّ ، بحور زاخرة لا تُنزف ، وجبال شامخة لا تقهر ».
فقال مروان : مدحت نفسك وشمخت بأنفك ، هيهات يا حسن ، نحن والله الملوك السادة ، والأعزّة القادة ، لا تبجحنّ ، فليس لك عزّ مثل عزّنا ولا فخر كفخرنا. ثمّ أنشأ يقول :
شفينا أنفسنا طابت وقورا |
|
فنالت عزّها في من يلينا |
وأبنا (١) بالعدالة حيث أُبنا |
|
وأبنا بالملوك مقرّنينا |
ثمّ تكلّم المغيرة بن شعبة فقال : نصحت لأبيك فلم يقبل النصح ، لولا كراهيّة قطع القرابة لكنت في جملة أهل الشام ، فكان يعلم أبوك أنّي أصدر الورّاد عن مناهلها بزعارة (٢) قيس وحلم ثقيف وتجاربها للأمور على القبائل.
فتكلّم الحسن عليهالسلام فقال : « يا مروان ، أجبناً وخوراً ، وضعفاً وعجزاً ؟ أتزعم أنّي مدحت نفسي وأنا ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وشمخت بأنفي وأنا سيّد شباب أهل الجنة ، إنّما يبذخ ويتكبّر ويلك من يريد رفع نفسه ، ويتبجّح (٣) من يريد الاستطالة ، فأمّا نحن فأهل بيت الرحمة ، ومعدن الكرامة ، وموضع الخيرة ، وكنز
__________________
(١) من آب يؤب : أي رجع.
(٢) الزعارة ـ بتشديد الراء ـ : شراس الخلق ، والزعرور : سيّئ الخلق. ( الصحاح : ٢ : ٦٧ ).
(٣) البجح : الفرح ، وبجحته فتبجح : أي فرحته ففرح. ( مجمع البحرين ).