الإيمان ، ورُمح الإسلام ، وسيف الدين ، إلاّ تصمت ـ ثكلتك أمّك ـ قبل أن أرميك بالهوائل ، وأسمك بميسم تستغني به عن اسمك ؟
فأمّا إيابك بالنهاب والملوك ، أفي اليوم الّذي ولّيت فيه مهزوماً وانجحرت مذعوراً فكانت غنيمتك هزيمتك ، وغدرك بطلحة حين غدوت به فقتلته ، قبحاً لك ما أغلظ جلدة وجهك » !
فنكّس مروان رأسه ، وبقي المغيرة مبهوتاً ، فالتفت إليه الحسن عليهالسلام فقال : « [ يا ] أعور ثقيف ، ما أنت من قريش فأفاخرك ، أجهلتني ويحك وأنا ابن خير الإماء وسيّدة النساء ، غذانا رسول الله صلىاللهعليهوآله بعلم الله تبارك وتعالى ، فعلّمنا تأويل القرآن ومشكلات الأحكام ، لنا العزّة الغلبا ، والكلمة العليا ، والفخر والسنا ، وأنت من قوم لم يثبت لهم في الجاهلية نسب ، ولا لهم في الإسلام نصيب ، عبد آبق ، ما له والافتخار عند مصادمة الليوث ومجاحشة الأقران ، نحن السادة ، ونحن المذاويد القادة ، نحمي الذمار ، وننفي عن ساحاتنا العار ، وأنا ابن نجيبات الأبكار.
ثمّ أشرت وزعمت [ إلى ] وصيّ خير الأنبياء ، وكان هو بعجزك أبصر ، وبخورك (١) أعلم ، وكنت للردّ عليك منه أهلاً ، لو غرك (٢) في صدرك ، وبدوّ (٣)الغدر في عينك ، هيهات لم يكن ليتّخذ المضلّين عضداً.
وزعمت [ لو ] أنّك كنت بصفين بزعارة قيس وحلم ثقيف ، فبما ذا ثكلتك أمّك بالعجز (٤) عند المقامات ؟ وفرارك عند المجاحشات ؟ أما والله لو التفّت عليك من أمير المؤمنين عليهالسلام الأشاجع (٥) ، لعلمت أنه لم تمنعه منك الموانع ، ولقامت عليك
__________________
(١) الخور : الضعف.
(٢) الوَغَر ـ محركة ـ : الحقد والضغن ، والعداوة والتوقّد من الغيظ. ( مجمع البحرين ).
(٣) بدا بُدُوّاً وبداءاً وبُدوءاً وبَداءةً : ظهر.
(٤) في المصدر : « أبعجزك ».
(٥) الأشاجع : هي مفاصل الأصابع ، واحدها أشجع. ( النهاية : ٢ : ٤٤٧ ).