أن يتركوا حقّهم طوعاً لسيّدهم |
|
فصاحب الأمر قاض في حقوقهم |
فسوف يولى العدا ضرباً بمخدمة |
|
ويخضب الأرض من جاري نجيعهم |
فتشتفي أنفس قد مسّها نصب |
|
من النواصب من عرب ومن عجم |
وفي كتاب الإرشاد للمفيد مرسلاً قال : روي أنّه لمّا استقرّ الصلح بين الحسن عليهالسلام وبين معاوية ـ لعنه الله ـ ، خرج الحسن عليهالسلام إلى المدينة ، كاظماً غيظه ، لازماً منزله ، منتظراً لأمر ربه عزّ وجلّ ، إلى أن تمّ لمعاوية عشر سنين من إمارته ، وعزم للبيعة على ابنه يزيد ، فسعى ذلك العجل الرجيم في إطفاء نائرة الحسن عليهالسلام من الوجود ، فبذل في ذلك المجهود ، وتبدّل بالنحوس عن السعود ، وأظهر تلك الأغلال والحقود ، فبلغ به الرأي الفاسد المبعد من رحمة الله والمطرود ، حيث لم يتمكّن من قتله عليهالسلام جهراً لما جرى من الإيمان والعهود ، بأن يقتله سرّاً ، وأن يزهق نفسه المقدّسة غدراً ، فدسّ إلى جعيدة بنت الأشعث بن قيس ـ كما في أشهر الروايات ـ العطاء والوعود ، وفي بعض رواياته أنّها جون بنت الأشعث الكندي ، وهي ابنة أمّ فروة أخت أبي بكر بن أبي قحافة ، وكانت زوجة الحسن عليهالسلام ، وأرسل لها من يحملها على سمّه ، وضمن لها أن يزوّجها بابنه يزيد ، وبذل لها عشرة آلاف ديناراً ويزيد وأقطاع عشرة ضياع من سقي سورا وسواد الكوفة ومنّاها ، ما تطلب وتريد (١).
وكان هذا الأمر من معاوية العنيد بعد أشياء عديدة قد دسّها في إهلاك الحسن عليهالسلام ، مثل ما روي أنّه وجّه لرجل من الموصل يدّعي المحبة لأهل البيت عليهمالسلام بعد انصراف الحسن من عنده كيساً فيه ثلاثة آلاف ديناراً وقارورة من السمّ ، وقال : إذا اغتنمت الفرصة فاجعل هذا السمّ في مطبوخ أو مشروب وأطعمه الحسن ليهلك ونستريح منه. ففعل ، فمرض
__________________
(١) انظر الإرشاد للمفيد : ٢ : ١٥.