فقال : « امض فادع لي(١) محمّد بن علي » ، يعني ابن الحنفيّة.
قال : فأتيته ، فلمّا دخلت عليه قال : هل حدث إلاّ خير ؟ فقلت : أجب أبا محمّد. فعجّل حتّى عن شسع نعله فلم يسوّه ، فخرج معي يَعدو ، فلمّا قام بين يديه سلّم عليه فقال له الحسن عليهالسلام : « اجلس ، فليس يغيب مثلك عن سماع كلام تحيى به الأموات وتموت به الأحياء ، كونوا أوعية العلم ومصابيح الدجى (٢) ، فإنّ ضوء النهار بعضه أضوء من بعض ، أما علمت أن الله عزّ وجلّ جعل ولد إبراهيم أئمّة وفضّل بعضهم على بعض ، وآتى داود زبوراً ، وقد علمت بما استأثر محمّد صلىاللهعليهوآله .
يا محمّد بن علي ، إنّي أخاف عليك الحسد ، وإنّما وصف الله تعالى به الكافرين فقال : ( كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقُّ ) (٣) ، ولم يجعل الله للشيطان عليك سلطاناً.
يا محمّد بن علي ، إلاّ أخبرك بما سمعت من أبيك عليهالسلام فيك » ؟
قال : بلى.
قال : سمعت أباك يقول يوم البصرة : « من أحبّ أن يبرّني في الدنيا والآخرة فليبرّ محمّداً.
يا محمّد بن علي ، لو شئت أن أخبرك وأنت نطفة في ظهر أبيك لأخبرتك.
يا محمّد بن علي ، إن الحسين عليهالسلام بعد وفاة نفسي ، ومفارقة روحي جسمي ، إمام من بعدي ، وعند الله تعالى في كتابه الماضي (٤) وراثة [ من ] النبي أصافها [ الله عزّ وجلّ له ] في وراثة أبيه وأمّه ، علم الله أنكم خير خلقه فاصطفى منكم محمّداً واختار محمّد عليّاً واختارني عليّ عليهالسلام للإمامة (٥) ، واخترت أنا الحسين عليهالسلام ».
__________________
(١) في الكافي : « فقال : ادع لي ».
(٢) في الكافي : « الهدى ».
(٣) سورة البقرة : ٢ : ١٠٩.
(٤) في الكافي : « وعند الله جلّ اسمه في الكتاب الماضي ».
(٥) في الكافي : « بالإمامة ».