اثنا عشر إماماً من ولد عليّ وفاطمة ، ما منّا إلاّ مسموم أو مقتول ». ثمّ رفعت الطشت وبكى صلوات الله عليه.
قال : فقلت : عِظني يا ابن رسول الله.
قال : « نعم ، استعدّ لسفرك ، وحصِّل زادك قبل حلول أجلك ، واعلم أنك تطلب الدنيا والموت يطلبك ، ولا تحمل همّ يومك الّذي لم يأت على يومك الّذي أنت فيه ، واعلم أنّك لا تكسب من المال شيئاً فوق قوتك إلاّ كنت فيه خازناً لغيرك ، واعلم أنّ في حلالها حساباً وفي حرامها عقاباً وفي الشبهات عتاباً ، فأنزل الدنيا بمنزلة الميتة خذ منها ما يكفيك ، فإن كان ذلك حلالاً كنت قد زهدت فيها ، وإن كان حراماً لم يكن فيه وزر فكنت قد أخذت (١) كما أخذت من الميتة فإن كان العتاب فإن العتاب يسير.
واعمل لدنياك كأنّك تعيش أبداً ، واعمل لآخرتك كأنّك تموت غداً.
وإذا أردت عزّاً بلا عشيرة وهيبة بلا سلطان ، فأخرج من ذلّ معصية الله إلى عزّ طاعة الله عزّ وجلّ ، وإن (٢) نازعتك إلى صحبة الرجال حاجة فاصحب مَن إذا صحبته زانك ، وإذا خذمته صانك ، وإذا أردت منه معونةً أعانك ، وإن قلت صدّق قولك ، وإن صُلت شدّ صولتك (٣) ، وإن مددت يدك بفضل مدّها ، وإن بدت عنك ثلمة سدّها ، وإن رأى منك حسنة عدّها ، وإن سألته أعطاك ، وإن سكتّ عنه ابتداك ، وإن نزلت إحدى الملمّات بك ساواك (٤) ، من لا يأتيك منه البوائق ولا تختلف منه عليك الطرائق ، ولا يخذلك عند الحقائق ، وإن تنازعتما منقسماً آثرك على نفسه ».
قال : ثمّ انقطع نفسه ، فاصفرّ لونه حتّى خشيت عليه ، ودخل الحسين عليهالسلام
__________________
(١) في بعض نسخ المصدر : « لم يكن فيه وزر فأخذت كما أخذت من الميتة ».
(٢) في المصدر : « وإذا ».
(٣) في المصدر : « صولك ».
(٤) في بعض نسخ المصدر : « واسا لك ».