بين عينيه وقال : « حبيبي يا حسين ، كأنّي أراك عن قريب مرمّلاً بدماك ، مذبوحاً بأرض كربلاء من عصابة [ من أمّتي وهم مع ذلك ] (١) يرجون شفاعتي ، لا أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة ، [ وما لهم عند الله من خلاق ] (٢) ، وأنت مع ذلك عطشان لا تسقى ، وظمآن لا تروى.
حبيبي يا حسين ، إنّ أباك وأمك وأخاك قد قدموا عَلَيّ وهم مشتاقون إليك ، وإنّ لك في الجنان لدرجات لا تنالها إلاّ بالشهادة ».
قال : فجعل الحسين عليهالسلام في منامه ينظر إلى جدّه ويقول : « يا جداه ، لا حاجة لي في الرجوع إلى الدنيا ، فخذني إليك وأدخلني معك في قبرك ».
فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : « لابدّ لك من الرجوع إلى الدنيا حتّى ترزق الشهادة وما قد كتب الله لك فيها من الثواب والسعادة ، فإنّك وأباك وعمّك وعمّ أبيك تحشرون يوم القيامة في زمرة واحدة حتّى تدخلون الجنة ».
قال : فانتبه الحسين عليهالسلام من نومه فزعاً مرعوباً ، وقصّ رؤياه على أهل بيته وبني عبد المطلب ، فلم يكن في ذلك اليوم في مشرق ولا مغرب قوم أشدّ غمّاً من أهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولا أكثر باك ولا باكية منهم.
قال : وتهيأ الحسين عليهالسلام إلى الخروج من المدينة ومضى في جوف الليل إلى قبر أمه فودّعها ، ومضى إلى قبر أخيه الحسن عليهالسلام ففعل كذلك ، ثمّ رجع إلى منزله وقت الصبح (٣).
ولله در من قال :
أقول لخلّي في البكا أَمُساعد |
|
بإهراق دمع العين ضربة لازم |
__________________
(١) من البحار والمقتل.
(٢) من المقتل.
(٣) ورواه المجلسي في البحار : ٤٤ : ٣٢٧ نقلاً عن كتاب محمّد بن أبي طالب الموسوي.
وروه الخوارزمي في المقتل : ص ١٨٦ و ١٨٧ في الفصل التاسع مع اختلاف.