وفي صحة إضافة" علم" إلى" ما" ـ وهي استفهام ـ نظر ؛ لأنه يجوز أن يفرق بين وقوع الخافض على الاستفهام ، وبين وقوع الناصب ، وذلك أن الناصب قد يعلّق ويبطل عمله ؛ ألا ترى أنّا نقول : قد علمت" أزيد في الدار أم عمرو" و" علمت أيهم في الدار" ، " وأتيت أيهم في الدار" ، ولا نقول : " أنبئت بأيّهم في الدار ، وأنبئت أيهم في الدار".
ويجوز تنوين" الباب" ؛ فإذا نوّن جاز في" العلم" الرفع والنصب ، فإذا نصبت فعلى التمييز ، كأنك لما قلت : " هذا باب" احتمل أن يكون بابا من العلم وغيره ، كما أنك إذا قلت : " أخذت عشرين" احتمل أن يكون من الدراهم وغيرها ، فإذا ذكرت نوعا مما تحتمله نصبته ، كذلك إذا ذكرت نوعا مما يحتمل" الباب" نصبته.
وإذا رفعته ففيه ثلاثة أوجه مرضيّة :
أحدها : أن يكون" هذا" مبتدأ ، و" باب" خبره ، و" علم" خبر مبتدأ محذوف ، كأنك قلت : هذا باب ، هذا علم ، أو قلت : هذا باب هو علم ما الكلم.
والثاني : أن يكون" باب" خبر" هذا" ، ويكون" علم" بدلا منه واقعا موقعه ، كأنك قلت : هذا" علم" ما الكلم.
والثالث : أن يكون" باب" و" علم" جميعا خبرين ل" هذا" كما تقول : " هذا حلو حامض" تريد : قد جمع الطعمين ، ومثله قول الشاعر :
من يك ذا بت فهذا بتي |
|
مصيّف مقيّظ مشتى |
تخذته من نعجات ست |
|
سود جعاد من نعاج الدست (١) |
ويجوز هذا بابا علم ما الكلم ، فيكون" هذا" مبتدأ ، وبابا منصوبا على الحال ، والخبر علم ، و" بابا" في معنى مبوّبا ، والعامل في نصبه ما في هذا من التنبيه والإشارة ، كقول الشاعر :
أترضى بأنا لم تجف دماؤنا |
|
وهذا عروسا باليمامة خالد (٢) |
وأما" الكلم" فقد يسأل السائل فيقول : لم لم يقل : الكلام ، أو الكلمات؟ لجواب أن الكلام يقع على القليل والكثير ، والواحد والاثنين والجمع ، والكلم : جماعة كلمة ، كما
__________________
(١) الرجز لرؤبة بن العجاج ، انظر ديوانه ١٨٩ ، والدرر اللوامع ١ / ٧٨ ؛ ٢ / ٨٤ ، والهمع ١ / ١٠٨.
(٢) البيت بلا نسبة ، انظر تثقيف اللسان ١٠٣.