لا يجوز مساواته الحال في شيء من الأزمنة.
فإن قال قائل : فلم يخصّ الماضي ببناء واحد ، لا يشركه فيه غيره ، وشورك بين الحال والمستقبل فجعل اللفظ الواحد لفعلين في زمانين؟
فإن الجواب في ذلك : أن الأفعال التي في أوائلها الزوائد الأربع ، لما شابهت الأسماء وضارعتها في أشياء ، شبّهن من بعد بالأسماء وصرفت تصريف الاسم ، فجعل اللفظ الواحد لأكثر من معنى ، كما أن اللفظ الواحد في الاسم لأكثر من معنى ، فمن ذلك أن" العين" عين الإنسان ، وعين الركبة ، وعين القبلة ، وعين الميزان ، وعين من عيون الماء وغير ذلك ، " والرّجل" رجل الإنسان والرّجل القطعة من الجراد ، وأشياء غير ذلك كثيرة من هذا النحو ، فجعل ما ضارع من الأفعال الأسماء مضارعة تامة في اللفظ لزمانين.
فإن قال قائل : فهلا كان أحد الزمانين الماضي؟
فالجواب في ذلك : أن أول الأفعال يكون إما أن يكون المستقبل وإما أن يكون الحال ، على القولين اللذين ذكرنا ، فلا بد أن يكون أحد هذين اللفظين اللفظ الذي في أوله الزوائد الأربع ، ويكون الآخر أقرب الباقين منه ، وكل واحد من المستقبل والحال أقرب إلى صاحبه من الماضي إليه فاعرفه إن شاء الله.
وأما قول سيبويه : " وأما ما جاء لمعنى ليس باسم ولا فعل". فإن جملة الحروف تجيء لمعان أنا أذكرها.
فأولها : للإشراك بين اسمين أو فعلين ، وذلك حروف العطف التي تدخل الثاني في إعراب لفظ الأول ومعناه ، وهي الواو ، والفاء ، وثم ، وغيرها ، كقولك : " قام زيد وعمرو" و" انطلق بكر فخالد" ، و" لقيت أخاك ثم أباك".
والثاني : أن تكون لتعيين اسم أو فعل ، فأما تعيين الاسم فبالألف واللام ، كقولك : الرجل والغلام ، وأما تعيين الفعل ، فبالسين وسوف ، وتكون لنفي الاسم والفعل هو : " ما ، ولا ، ولن ، ولم ، وما أجري مجراهن ، تقول : ما زيد أخاك ، ولا يقوم عبد الله ، ولم يقم عمرو ، ولن يذهب أخوك.
وتجيء لتأكيد الاسم والفعل ، فأما تأكيد الاسم ، فنحو" إن زيدا أخوك". وأما تأكيد الفعل فلتقومنّ ، ولأنطلقن وتدخل لربط الاسم بالفعل ، وإيصال الفعل إلى الاسم ، كقولك : " مررت بزيد" وقمت إلى أخيك.