فمن ذلك ما يحذفه من القوافي الموقوفة من تخفيف المشدّد ، كقول امرئ القيس ؛ أو غيره :
لا وأبيك ابنة العامريّ لا يدّعي القوم أنّي أفر (١)
وكقول طرفة :
أصحوت اليوم أم شاقتك هر |
|
ومن الحبّ جنون مستعر (٢) |
فأكثر الإنشاد في هذا حذف أحد الحرفين ، لتتشاكل أواخر الأبيات ، ويكون على وزن واحد ؛ لأنك إذا قلت : لا يدّعي القوم أنّي أفر ، صار آخر جزء من البيت : " فعل" في وزن العروض ؛ لأنه من المتقارب من الضرب الثالث ، وإذا شددت الراء صار آخر أجزائه" فعول" من الضرب الثاني من المتقارب ، فهو مضطرّ إلى حذف أحد الحرفين ، لاستواء الوزن ، ومطابقة البيت لسائر أبيات القصيدة ، ألا تراه يقول بعد هذا :
تميم بن مرّ وأشياعها |
|
وكندة حولي جميعا صبر (٣) |
فهذا من الضرب الثالث لا غير ، ولم يكن بالجائز أن يأتي في قصيدة واحدة بأبيات من ضربين.
ومن ذلك : تخفيف المشدّد وتسكينه ، مع حذف حرف بعده ، كقولهم في" معلّى" : " معل" وفي" عنّى" : " عن". قال الشاعر وهو الأعشى :
لعمرك ما طول هذا الزّمن |
|
على المرء إلا عناء معن (٤) |
أراد معنّى ، فحذف الياء وإحدى النونين :
وقال أيضا في هذه القصيدة :
وعهد الشّباب وثاراته |
|
فإن يك ذلك قد زال عن (٥) |
يريد : عنّي.
وقال لبيد :
__________________
(١) البيت في ديوان امريء القيس ١٥٤ ، والخزانة ٤ / ٤٨٩.
(٢) البيت في ديوانه ٤٥.
(٣) البيت في ديوان امريء القيس ١٥٤ ، والخزانة ٤ / ٤٨٩.
(٤) البيت في ديوانه ١٤.
(٥) البيت في ديوان ١٤.