قال الشاعر :
ألا هل لهذا الدّهر من متعلّل |
|
عن النّاس مهما شاء بالنّاس يفعل |
وهذا ردائي عنده يستعيره |
|
ليسلبني عزّى أمال ابن حنظل (١) |
وقد اختلف النحويون في الوجه الأوّل من الترخيم في غير النداء لضرورة الشعر ؛ كقولك : " هذا حنظل قد جاء" و" هذا هرق قد جاء" و" مررت بهرق وحنظل" تحذف آخره وتبقي ما قبل المحذوف على حاله ، فكان سيبويه وغيره من المتقدمين البصريين والكوفيين يجيزونه ، وأنشدوا في ذلك أبياتا منها :
خذوا حذركم يا آل عكرم واحفظوا |
|
أواصرنا والرّحم بالغيب تذكر (٢) |
ففتح الميم من" عكرم" ؛ لأن أصله عكرمة ، فحذف الهاء ، وبقّى الميم على حالها.
وأنشدوا أيضا :
ألا أضحت حبالكم رماما |
|
وأضحت منك شاسعة أماما (٣) |
أراد : أمامة ، فحذف الهاء وبقّى الميم على حالها ، وهي غير مناداة.
وأنشدوا أيضا لابن أحمر :
أبو حنش يؤرّقني وطلق |
|
وعبّاد وآونة أثالا (٤) |
فذكر سيبويه أن أثالا معطوف على" أبو حنش وطلق" ، غير أنه قد حذف الهاء منه وأصله : " أثالة" وبقّي الّلام على فتحها.
ومن ذلك :
ألا يا أمّ فارع لا تلومي |
|
على شيء رفعت بهذا سماعي |
أراد" فارعة".
وكان أبو العباس محمد بن يزيد ينكر هذا ولا يجيزه في الشعر ، ويعلل الأبيات ، فذكر أن قوله : " خذوا حظّكم يا آل عكرم" ، يذهب بعكرم مذهب القبيلة ، ففتح الميم ؛ لأنه لا ينصرف ، لا للترخيم.
__________________
(١) البيتان للأسود بن يعفر في سيبويه ١ / ٣٣٢.
(٢) البيت لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ٢١٤ ، والخزانة ١ / ٣٧٣.
(٣) البيت لجرير في ديوانه ٥٠٢ ، والخزانة ١ / ٣٨٩.
(٤) البيت في اللسان (حنش).