وإنما ألحقوها هذه الواو والياء ؛ لأن الهاء خفيّة ، فأرادوا إبانة حركتها ، والأصل فيها الضم ، وسوف نشرح هذا في موضعه إن شاء الله تعالى.
فإذا كان قبلها ساكن فأنت بالخيار : إن شئت ألحقت واوا أو ياء فيما كان قبل الهاء منه ياء وألحقت واوا فيما كان قبل الهاء منه غير الياء ، وإن شئت لم تلحق ، كقولك : " عليه" و" عليهي" و" عليه" و" عليهو" و" منه" و" منهو" وكلاهما جيد بالغ. وإذا وقفت على ذلك أجمع كان ساكنا.
ولا يجوز حذف الواو والياء مما قبله متحرك إلا في الشعر كقول الشاعر :
أو معبر الظّهر ينبي عن وليّته |
|
ما حجّ ربّه في الدنيا ولا اعتمرا (١) |
وقال آخر :
وأيقن أنّ الخيل إن تلتبس به |
|
يكن لفسيل النّخل بعده آبر (٢) |
فهولاء حذفوا الواو فقط وبقوا ضمة الهاء. وقال الآخر :
فإن يك غثّا أو سمينا فإنّني |
|
سأجعل عينيه لنفسه مقنعا (٣) |
والوجه أن يقول : " لنفسهي" فحذف الياء ، وبقّى الكسرة على حالها.
وإنما جاز حذف هذه الحروف ؛ لأنها زوائد تسقط في الوقف.
فإن قال قائل : فهلا أجزتم حذف التنوين مما ينصرف ؛ لأنه زائد لا يثبت في الوقف ، كما أجزتم حذف الواو والياء من الهاء؟
قيل له : الفرق بينهما بيّن ، وهو أن الياء والواو اللاحقتين بالهاء إنما أريد بهما بيانها في اللفظ ، فإذا وصل الكلام قام ما بعدها مقام الياء والواو في إبانتها ، وإن كانتا أبلغ في البيان ، ومع ذلك فإن حذفهما لا يخلّ بمعنى ولا يدخل شيئا في غير بابه ، وما ينصرف متى ترك صرفه دخل في غير بابه ، ووقع اللبس ، فلم يشبه حذف الواو ترك الصرف.
وربما اضطر الشاعر فحذف الحركة أيضا. قال :
فظلت لدى البيت العتيق أخيله |
|
ومطواي مشتاقان له أرقان (٤) |
__________________
(١) البيت غير منسوب في اللسان (عبر)
(٢) البيت لحنظلة بن فاتك في سيبويه ١ / ١١.
(٣) سيبويه ١ / ١٠.
(٤) الخزانة ٢ / ٤٠١ ، واللسان (مطا).