ومن ذلك أنهم قد يجرون هاء التأنيث في الوصل مجراها في الوقف ، فلا يقلبونها تاء ، ولا سبيل إلى هذا إلا بالتسكين ؛ لأنهم متى حرّكوا وجب القلب قال الشاعر :
لمّا رأى أن لادعه ولا شبع |
|
مال إلى أرطاة حقف فاضّطجع (١) |
وقال آخر :
لست إذا لزعبله إن لم أغيّر |
|
بكلتي إن لم أساو بالطّول |
ومن الحذف : إقامتهم الصفة مقام الموصوف في الشّعر في الموضع الذي يقبح في الكلام مثله.
قال الشاعر :
فيا الغلامان اللّذان فرّا |
|
إياكما أن تكسباني شرّا |
أراد : فيا أيّها الغلامان ، فأقام : " الغلامان" مقام" أيّ" وقبح هذا ؛ لأنّ حرف النداء لا يليه ما فيه الألف واللام ، لأنه يعرّف المنادى إذا قصد ، والألف واللام يعرّفانه ؛ فلا يجتمع تعريفان في اسم واحد. ومثله :
من أجلك يا التي تيّمت قلبي |
|
وأنت بخيلة بالودّ عنّي |
يريد : " يا أيتها التي".
وأما قوله :
إني إذا ما حدث ألمّا |
|
دعوت يا اللهم يا اللهمّا (٢) |
فليس هذا من ضرورته ، يعني : إدخال" يا" على اسم الله تعالى ، وإنما الضرورة الجمع بين" يا" وبين" الميم" في هذا الاسم ، وذلك أن العرب لا تنادي اسما فيه الألف واللام إلا اسم الله تعالى ، فيقولون : " يا الله اغفر لي" ويبدلون الميم في آخره من حرف النداء عوضا ، فيقولون : " اللهمّ اغفر لنا" ، فإذا اضطرّ الشاعر ردّ الحرف المحذوف ، مع وجود عوضه. وقد مر نحو من هذا.
ومن ذلك : إقامتهم الفعل في موضع الاسم ، إذا كان الفعل نعتا ؛ كما قال النابغة :
__________________
(١) البيتان غير منسوبين في اللسان (ضجع) ، وابن يعيش ٢ / ٨٢.
(٢) ينسبان لأبي خراش الهذلي في ديوان الهذليين ١٣٤٦ ، وبلا نسبة في اللسان (إله) ، وابن يعيش ٢ / ١٦.