كذا" ، إذا كنت تحلّفه. و" الواو" أنقص توسعا من" الباء" ؛ لأنها بدل منها ، فلم تدخل على المضمر ، ولا في الحلف على المخاطب ، لا يجوز أن تقول : " وك" ، كما تقول : " بك" في اليمين ولا تقول : " والله إلا فعلت" ، كما تقول : " بالله إلا فعلت".
و" التاء" أضيقها كلها توسعا ؛ لأنها بدل من بدل ، فلم يستعمل إلا في اسم الله تعالى وحده. وإنما جعل سيبويه هذا شاهدا ؛ لأنه يدخل على قولك : " الله" ، ولا يدخل على غيره من الأسماء ، مثل دخول" لات" على الحين دون غيره.
وقوله : (فإذا قلت : " ما منطلق عبد الله" ، و" ما مسئ من أعتب" رفعت ، ولا يجوز أن يكون مقدما مثله مؤخرا ، كما أنه لا يجوز أن تقول : " إن أخوك عبد الله" ، على حد قولك : " إن عبد الله أخوك" ؛ لأنها ليست بفعل ، وإنما جعلت بمنزلته. فكما لم تصرف" إن" كالفعل ، كذلك لم يجز فيها كل ما يجوز فيه ، ولم تقو قوته وكذلك" ما").
قال أبو سعيد : يريد أن" ما" ، إذا تقدم الخبر لم تعمل ، وإن كانت مشبهة ب" ليس" ، كما أن" إنّ" مشبهة بالفعل ، واسمها مشبه بالمفعول ، وخبرها مشبه بالفاعل ، ومع ذلك فلا يجوز أن يتقدم الخبر على الاسم ، كما تقدم الفاعل على المفعول ؛ لأنها حرف لا يبلغ من قوتها أن تكون بمنزلة ما شبهت به.
قال : (وتقول : " ما زيد إلا منطلق" ، يستوي في اللغتين جميعا. ومثله (ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا)(١) ، لم تقو" ما" حيث نقضت معنى" ليس" كما لم تقو حين قدمت الخبر).
قال أبو سعيد : يعني أنك لما استثنيت فبطل معنى النفي ، بطل تشبيه" ما" ب" ليس" ، ولم تقو" ما" ؛ لإبطال معناها أن تعمل عمل" ليس" وقد ذكرنا هذا المعنى.
قال : (فمعنى" ليس" النفي ، كما أن معنى" كان" الواجب ، فكل واحد منهما يعني" ليس وكان" إذا جردته كان هذا معناه. فإن قلت : " ما كان" ، أدخلت عليها ما ينفي به ، فإذا قلت : " ليس زيد إلا ذاهبا" ، أدخلت ما يوجب ، كما أدخلت ما ينفي. فلم تقو" ما" في قلب المعنى ، كما لم تقو في تقديم الخبر).
يريد : أن" ليس" على عملها ، وإن دخلها الاستثناء فانتقض معناها ؛ لأنها فعل ،
__________________
(١) سورة يس الآية : ١٥.