مكانهم في الرفعة بشر ، كما تقول : " وإذ ما فوقهم بشر" أي فوق منزلتهم بشر وإذ ما دونهم على الظرف.
قال : (وهذا لا يكاد يعرف كما أن (لاتَ حِينَ مَناصٍ) كذلك و" رب شيء هكذا" ، وهو كقولهم : " هذه ملحفة جديدة" في القلة).
يعني : أن نصب" مثلهم بشر" ، على تقديم الخبر لا يعرف ، كما أن (لاتَ حِينَ مَناصٍ) بالرفع قليل ، لا يكاد يعرف.
كما أن" ملحفة جديدة" قليل وذلك أن" فعيلا" الذي بمعنى مفعول حكمه ألا يلحقه هاء التأنيث ، كقولهم : " امرأة قتيل" ، و" كف خضيب" ، و" ملحفة جديد" ، في معنى مقتولة ، ومخضوبة ، ومجدودة ، ولا يقال : قتيلة ، ولا جديدة ، وقد قيل : " ملحفة جديدة" ، وهو قليل خارج عن نظائره ، وإنما قبل ذلك عندي على تأويل متجددة ؛ فكأنها جعلت فاعلة وجعلت" فعيلة" على معنى فاعلة. وإذا كان" فعيل" بمعنى فاعل لحقه التأنيث كقولك : " امرأة كريمة ، وظريفة" وما أشبه ذلك.
قال سيبويه : (وتقول : " ما عبد الله خارجا ، ولا معن ذاهب" ، ترفعه على ألا تشرك الاسم الآخر في" ما" ولكن تبتدئه كما تقول : " ما كان عبد الله منطلقا ولا زيد ذاهب" إذا لم تجعله على معنى" كان" وجعلته غير ذاهب الآن).
قال أبو سعيد : يعني أنك إذا قلت : " ولا معن ذاهب" ، فإنما نفيت ب" لا" نفيا مستأنفا ، و" لا" لا تعمل شيئا ؛ لأنك تقول : " لا زيد ذاهب ولا عمرو منطلق" ، وجعلت الواو لعطف جملة على جملة ، غير أنه لا يحسن أن تنفي ب" لا" ، وترفع ما بعدها على الابتداء والخبر ، إلا أن تكرر النفي. لا يحسن أن تقول : " لا زيد ذاهب" ، فإذا قلت : " ولا عمرو منطلق" حسن ، أو" ما زيد ذاهبا ولا عمرو منطلق" ، وهذا يستقصى في بابه.
وإذا قلت : " ما كان عبد الله منطلقا ولا زيد ذاهب" ، " فزيد" أيضا مرفوع بالابتداء ، واستأنفت النفي ب" لا" ، وجعلت الواو لعطف جملة على جملة ، وكذلك" ليس عبد الله ذاهبا ولا زيد منطلق".
فإن جعلت" لا" لتأكيد النفي الذي قبلها ولم تجعلها هي النافية عطفت آخر الكلام على أوله فقلت : " ما كان عبد الله خارجا ولا معن ذاهبا" ، و" ما كان زيد ذاهبا ولا عمرو منطلقا" و" ليس زيد ذاهبا ولا عبد الله خارجا" ؛ لأنك لم تحفل ب" لا" وجعلت العطف