عوّد" ، على معنى" عوّده". ولا يجوز أن يقال : " كان عمرا زيد ضاربا" بنصب" عمرو" ، وقد جعلت" ضاربا" منصوبا ب" كان". ولكنك لو قلت : " كان عمرا زيد ضارب" ، جاز.
والفرق بينهما أن المسألة الأولى ليس في" كان" ضمير الأمر والشأن ، وفي هذه ضمير الأمر والشأن فإذا نصبت" عمرا" ، فالذي يلي" كان" الأمر والشأن. فلم يلها منصوب يغيرها. ولو قلت : " عمرا كان زيد ضاربا" جاز ؛ لأن هذا الذي قبله كان كالملغى ، ولم يصر حاجزا بينهما وبين ما حكمها أن تعمل فيه :
قال سيبويه : (ومثل ذلك من الإضمار :
إذا متّ كان النّاس صنفان شامت |
|
وآخر مثن بالذي كنت أصنع (١) |
أضمر في" كان" الأمر والشأن. وقال بعضهم : " كان أنت خير منهم" على معنى كان الأمر ، ومثله قوله تعالى : (مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ)(٢)).
يعني : أن في" كاد" ضميرا من الأمر والشأن ؛ لأن" كاد" فعل ، و" يزيغ" فعل ، ولا يعمل الفعل في الفعل.
(وقال هشام أخو ذي الرمة :
هيّ الشّفاء لدائي لو ظفرت بها |
|
وليس منها شفاء الدّاء مبذول) (٣) |
معناه : ليس الأمر.
وقال : (وليس يجوز هذا في" ما" في لغة أهل الحجاز).
يعني أنه لا يجوز أن تقول : " ما زيد قائم" ، وتجعل في" ما" ضمير القصة والشأن مستكنا ، لأنها ليست بفعل ليستكن فيها الضمائر.
قال سيبويه : (ولا يجوز أيضا في لغتهم أن تقول : " ما زيدا عبد الله ضاربا" و" ما زيدا أنا قاتلا" ؛ لأنه لا يستقيم في" ما" كما لم يستقم أن تقدم في" كان وليس" ولا يجوز أن تقدم في" كان" و" ليس" ما يعمل فيه الآخر).
يعني : لا يجوز أن يلي" ما" منصوب بغيرها. على لغة أهل الحجاز ، لأنهم يجعلونها
__________________
(١) البيت للعجيز السلولي في الأعلم ١ / ٣٦ ، الدرر اللوامع ١ / ٨٠ ، العيني ٢ / ٨٥.
(٢) سورة التوبة ، آية : ١١٧.
(٣) الأعلم ١ / ٣٦ ، المقتضب ٤ / ١٠١ ، شرح القصائد السبع : ٤٧٤.