وكمتا مدمّاة كأنّ متونها |
|
جرى فوقها واستشعرت لون مذهب (١) |
فنصب" لونا" باستشعرت ، وجعل في" جرى" ضمير فاعل ، كأنه قال : جرى فوقها لون مذهب ، واستشعرت لون مذهب مع ما حكاه البصريون من قول العرب : " ضربني وضربت زيدا" ، واختيارهم لإعمال الفعل الثاني ، وإذا أعملوا الفعل الثاني جعلوا في الأول ضمير فاعل.
قال سيبويه : مفسرا لترجمة الباب : (وهو قولك : " ضربت وضربني زيد" و" ضربني وضرب زيدا" ، فحمل الاسم على الفعل الذي يليه).
قال أبو سعيد : يعني أنك تعمل الفعل الثاني وهو الاختيار عنده. وقد ذكرناه. قال سيبويه :
(والعامل في اللفظ أحد الفعلين ، وأما في المعنى فقد يعلم أن الأول قد وقع ، إلا أنه لا يعمل في اسم واحد رفعا ونصبا).
يعني العامل في الاسم الظاهر هو أحد الفعلين ، كأنا إذا قلنا : " ضربت وضربني زيد" ، فالعامل في" زيد" هو" ضربني" ، وقد علم أن" ضربت" له مفعول مثل" ضربني" وإن لم يذكر ، وكذلك إذا قلت : " ضربني وضربت زيدا" فالعامل في" زيد" هو" ضربت" ، وفاعل" ضربني" ضمير زيد ، وإن لم تظهره ، فقد علم أن الفعل الأول كالفعل الثاني في وصوله إلى الفاعل والمفعول. ولا يجوز أن يكون الفعل الأول والثاني يعملان في الاسم الظاهر ؛ لأن الفعل الأول يوجب نصبه ، والثاني يوجب رفعه ، أو الأول يوجب رفعه والثاني يوجب نصبه ، ومحال أن يكون الاسم مرفوعا منصوبا.
وقد زعم الفراء أنا إذا قلنا : " قام أو قعد زيد" ، فالعامل في" زيد" الفعلان جميعا.
وهذا غير جائز ؛ لأنهما لو كانا عاملين في" زيد" جاز أن يبدل من أحدهما ما يوجب نصب" زيد" ، فتقول : " ضربت أو ضربني زيد" ، فيكونان جميعا عاملين في" زيد" وهذا فاسد.
قال سيبويه : (وإنما كان الذي يليه أولى ؛ لقرب جواره ، وأنه لا ينقض معنى ، وأن المخاطب قد عرف أن الأول قد وقع" بزيد").
__________________
(١) ديوانه : ٧ ، المقتضب ٤٤ / ٧٥ ، أساس البلاغة : ٢٣٧.