(لأنه لم يضع واحدا في موضع جمع ، ولا جمعا في موضع واحد. قال : ومثله قول الفرزدق :)
يعني : مثله الاكتفاء بخبر واحد عن خبر جماعة :
إني ضمنت لمن أتاني ما جنى |
|
وأبى فكان وكنت غير غدور (١) |
ولم يقل : غدورين.
واعترض بعض النحويين على سيبويه فقال : " فعيل وفعول" قد يكونان للجماعة والواحد والمذكر والمؤنث ، ومن ذلك قولهم : "رجل صديق" و" قوم صديق" ، و" رجل خليط" ، و" قوم خليط" ، و" رجل عدو" ، و"قوم عدو" كما قال تعالى : (إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً)(٢).
قال فيجوز أن يكون" غدور" و" بديء" للاثنين. وهذا الذي ذكرنا يروى عن الزيادي. وهو غير ناقض لما ذكره سيبويه ؛ لأنه قد ذكر في أول هذه الأبيات" نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض" ، و" راض" لا يصلح إلا لواحد ؛ وغرضه أن يبيّن أنه يحذف الخبر اكتفاء بخبر واحد.
على أن" فعيل" و" فعول" ليس طريقهما في كل موضع أن يكونا للجميع والواحد ؛ ألا ترى أنك تقول : " رجل كريم" ، و" رجلان كريمان" ، و" رجل ظريف" و" رجلان ظريفان" ، وما سمع" رجلان ظريف" ، وكذلك" رجل صبور" ، و" رجلان صبوران" ، ولم نسمع : " رجلان صبور".
قال سيبويه : (ولو لم تحمل الكلام على الآخر لقلت : " ضربت وضربوني قومك" ، وإنما كلامهم : " ضربت وضربني قومك").
يعني : إذا أعملت الأول قلت : " ضربت وضربوني قومك" ؛ لأن تقديره : ضربت قومك وضربوني. والوجه" ضربت وضربوني قومك" على إعمال الثاني وترك مفعول الفعل الأول.
قال سيبويه : (فإذا قلت : " ضربني" لم يكن سبيل إلى الأول ؛ لأنك لا تقول :
__________________
(١) البيت للفرزدق سيبويه ١ / ٣٨ ، الأعلم ١ / ٣٨ ، الإنصاف ١ / ٩٥ واللسان (قعد) ٤ / ٣٦١.
(٢) سورة النساء ، آية : ١٠١.