فلو أنّ ما أسعى لأدنى معيشة |
|
كفاني ولم أطلب قليل من المال (١) |
فإنما رفع ؛ لأنه لم يجعل القليل مطلوبا ، وإنما كان المطلوب عنده الملك ، وجعل القليل كافيا ، ولو لم يرد ذلك ونصب ، فسد المعنى).
يعني أنه رفع قليلا و" كفاني" ولم ينصبه ب" أطلب" ؛ لأن امرأ القيس إنما أراد : لو سعيت لمنزلة دنيئة كفاني قليل من المال ولم أطلب الملك. وعلى ذلك معنى الكلام ؛ لأنه قال في البيت الثاني :
ولكنما أسعى لمجد موثّل |
|
وقد يدرك المجد المؤثّل أمثالي (٢) |
ولو نصب بأطلب لاستحال المعنى ، وذلك أن قوله : " فلو أن ما أسعى لأدنى معيشة" ، يوجب أنه لم يسع لها ؛ ألا ترى أنك تقول : " لو لقيت زيدا" لوجب أنك لم تلقه. فإذا قلت : " لو لقيت زيدا ... لم يقصر" يوجب أنك تلقه ، وأنه قد قصّر بسبب أنك لم تلقه. فإذا كان المعنى كذلك ، وجب متى نصبنا" قليلا" ب" أطلب" أن يكون معناه : لو سعيت لمعيشة دنيئة لم أطلب قليلا من المال ، فنفيت أنك سعيت لمعيشة دنيئة ، وأوجبت أنك طلبت قليلا من المال.
لأنك نفيت أنك لم تطلب قليلا من المال ؛ لأن جواب" لو" منفي ، كما أن الفعل بعدها منفي ، وذلك متناقض.
قال سيبويه : (وقد يجوز : " ضربت وضربني زيدا" ؛ لأن بعضهم قد يقول : " متى رأيت أو قلت زيدا منطلقا").
يعني : أن إعمال الفعل الأول جائز ، كما أن الذي قال : " متى رأيت أو قلت زيدا منطلقا" أعمل." رأيت".
قال : (والوجه : متى رأيت أو قلت زيد منطلق).
فيحكي ويعتمد على" قلت" لأنه الفعل الثاني.
قال : (ومثل ذلك في الجواز : " ضربني وضربت قومك" ، والوجه أن تقول : " ضربوني وضربت قومك" فتحمله على الآخر).
__________________
(١) الديوان ٣٩ ، الخزانة ١ / ١٥٨ ، الدرر اللوامع ٢ / ١٤٤ ، الأعلم ١ / ٤١.
(٢) المصدر السابق.