يعني : أن" ضربوني وضربت قومك" قد أعملت فيه الفعل الآخر ، فهو أجود من :
" ضربني وضربت قومك" ؛ لأنك قد أعملت فيه الفعل الأول.
قال : (وإن قلت : " ضربني وضربت قومك" فجائز ، وهو قبيح أن تجعل اللفظ كالواحد كما تقول : " هذا أجمل الفتيان" ، و" أحسن وأكرم بنيه وأنبله").
يعني : أنك إذا وحّدت الفعل الأول ، وأعملت الفعل الثاني في مفعولين ، وقد علمت أن فاعل الفعل الأول جماعة ، والفعل لا بد له من فاعل ، فالضرورة تحوجك إلى أن تضمر في الفعل الأول ضميرا واحدا في معنى جمع ، حتى لا معرّي الفعل من فاعل فيكون تقديره : " ضربني من ثم" ، أو" ضربني جمع" ، " فمن ثم" و" جمع" إذا قدرته ، لفظه لفظ الواحد ، ومعناه جماعة. قال : وهذا وإن كان قبيحا ؛ لأنا نقول : " هذا أجمل الفتيان ، وأحسنه ، وأكرم بنيه ، وأنبله" وإنما تريد : أحسنهم ، وأجملهم.
قال : (ولا بد من هذا ؛ لأنه لا يخلو الفعل من فاعل مضمر أو مظهر مرفوع من الأسماء ؛ كأنك قلت : إذا مثّلته : " ضربني من ثم" ، و" ضربت قومك").
يريد : أنه لا بد لك من فاعل مقدر في الفعل الأول ، وإن أفردناه.
قال سيبويه : (وترك ذلك أحسن وأجود للبيان الذي يجيء بعده).
قال أبو سعيد : في هذا وجهان :
أحدهما : ما قاله بعض أصحابنا أن شيئا من الكلام قد سقط ، وأن تمامه. وترك ذلك جائز ، وذكره أجود ، وأحسن للبيان الذي يجيء بعده. يعني : وترك ضمير الجماعة جائز ، وإبانة ضميرهم أجود لذكر الجماعة التي تأتي بعده.
والوجه الثاني : أن قوله : (وترك ذلك أجود).
يريد : وترك إضمار الواحد في معنى الجماعة أجود بسبب ذكر الجماعة التي تأتي من بعد.
ثم قال : (وأضمر" من" لذلك. وهو رديء في القياس ، فدخل فيه أن تقول : " أصحابك جلس" تضمر شيئا يكون في اللفظ واحدا).
يعني : أن إضمار" من" الذي هو مفرد في معنى الجماعة رديء ؛ لأنك إذا ألزمت هذا القياس ، وجب عليك أن تقول : " أصحابك جلس" تضمر في" جلس" شيئا يكون بمعنى الجماعة وهذا قبيح جدا.