أتيناك" ، على معنى لو وقع هذا.
قال سيبويه : (ول" إذا" موضع آخر يحسن فيه ابتداء الاسم بعدها فيه تقول : " نظرت فإذا زيد يضربه عمرو" ؛ لأنك لو قلت : " نظرت فإذا زيد يذهب" لحسن).
اعلم أن" إذا" تقع في الجواب والمفاجأة ، ويليها المبتدأ والخبر ، فتكون هي وما بعدها بمعنى الفعل ، فإذا قلت : " نظرت فإذا زيد يضربه عمرو" ، تقديره : نظرت فأبصرت زيدا يضربه عمرو. وقوله تعالى : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ)(١) ، كأنه قال : قنطوا ف" إذا" وما بعدها بمنزلة فعل ، غير أن الذي قصده سيبويه في هذا الموضع أن" إذا" لما كان حكمها أن يليها الاسم لا الفعل ، ثم أتى بعد الاسم الذي وليها فعل واقع على ضميره لم تنصب الاسم الأول بإضمار فعل بعد" إذا" ؛ لأن" إذا" في هذا الموضع بالاسم أولى ، وليست بمعنى المجازاة ، فيختار الفعل بعدها. ألا ترى أنك تقول : " نظرت فإذا زيد قائم" ، وقد كان بعض النحويين البصريين : يجعل" إذا" بمنزلة الحضرة والمكان. فإذا قلت : " خرجت فإذا زيد قائم" ، كأنه قال : " فحضرتي زيد قائم" ، و" زيد" مرفوع بالابتداء و" قائم" خبره ، و" حضرتي" في موضع نصب ب" قائم" ، كما تنتصب ظروف المكان. قال : ويجوز أن تقول : " خرجت فإذا زيد" ، فتجعل" زيدا" مبتدأ ، و" إذا" خبره ، كأنه قال : " بحضرتي زيد". ويجوز على ذلك أن تقول : " خرجت فإذا زيد قائما" ، فتجعل" إذا" خبر" زيد" ، وينصب" قائما" على الحال.
ومن جعل" إذا" حرفا ، وجعل ما بعدها مبتدأ وخبرا ، فإنه يقول : " خرجت فإذا زيد" الخبر محذوف ، كأنه قال : " فإذا زيد بحضرتي". و" الفاء" إذا كانت جوابا فالحذف فيها شائع ، كقولك : " إن تأتنا فمحسن" تريد : فأنت محسن ، وجملة الحذف أنه متى فهم الكلام معه جاز ولا سيما مع استعمال العرب لذلك.
قال : (وأما" إذ" ، فيحسن ابتداء الاسم بعدها تقول : " جئت إذ عبد الله قائم" و" جئت إذ عبد الله يقوم" ، إلا أنها في" فعل" قبيحة تقول : " جئت إذ عبد الله قام" ، ولكن" إذ" إنما تقع في الكلام الواجب ، فاجتمع فيها هذا ، وأنك قد تبتدئ الاسم بعدها ، فحسن الرفع).
__________________
(١) سورة الروم ، آية : ٣٦.