يقول : إن" إذ" ليس فيها معنى المجازاة والذي يليها الجمل. قال : فإذا قلت" جئت إذ عبد الله أكرمه" ، كان الاختيار رفع" عبد الله" ؛ لأن" إذ" ليست بالفعل أولى ، كما كانت" إذا" ؛ لأن معناها الماضي ، وهي لوقت مبهم ، يفسّر بالجملة التي بعدها ، والجملة التي بعدها مبتدأ وخبر ، وفعل وفاعل ماضيا كان الفعل أو مستقبلا ، كقولك : " جئت إذ قام زيد" ، و" إذ يقوم زيد" ، و" جئت إذ زيد قائم" ، و" إذ زيد يقوم". فإذا قلت : " جئت إذ زيد قام" ، قبح أن يكون خبر المبتدأ الذي بعدها فعلا ماضيا.
فإن قال قائل : وكيف حسن" جئتك إذ قام زيد" ، ولم يحسن" جئتك إذ زيد قام"؟ قيل له : لأن" قام" في قولك : " زيد قام" ، موضعها رفع بخبر الابتداء ، وخبر الابتداء حكمه أن يكون الاسم أو ما يضارعه ، والفعل الماضي مضارعته ليست بتامة ، وليس بالكلام حاجة إلى لفظ المضي ؛ لأن" إذا" قد دلت على المضي. وإذا قلت : " جئتك إذ قام زيد" ، فليس" قام" في موضع اسم.
فإن قال قائل : فأنت تجيز" زيد قام" ولا تستقبحه ، و" قام" في موضع خبره ، فلم استقبحت ذلك في" إذ"؟
قيل له : من أن قولنا : " زيد قام" ، لو قلنا مكان" قام"" يقوم" ، لتغير معنى الفعل ؛ لأن لفظ الفعل هو الذي يدل على الماضي والمستقبل ، وفي" إذ" ، قد دل على الماضي ، فلا حاجة بالكلام إلى لفظ الماضي بعد الذي يدل على المبتدأ. ثم قوى سيبويه الفرق بين" إذ" ، و" إذا" بأن :
قال : (إن" إذ" إنما تقع في الكلام الواجب).
يعني : الماضي ، وارتفع الاسم المبتدأ والخبر بعدها ، ليرى أنها بعيدة من معنى المجازاة ، وأن الرفع حسن في نحو قولك : " جئتك إذ زيد أكرمه".
قال : (ومما ينتصب أوله ؛ لأن آخره ملتبس بالأول قولك : " أزيدا ضربت عمرا وأخاه" ، و" أزيدا ضربت رجلا يحبه" ، و" أزيدا ضربت جاريتين يحبهما" ، فإنما نصبت هذا الأول ؛ لأن الآخر ملتبس به إذ كانت صفته ملتبسة به).
قال أبو سعيد : اعلم أن الجملة إذا كان فيها ضمير اسم متقدم فهي من سبب ذلك الاسم ، وإن كان في الجملة اسم ليس فيه ضمير ولا تبالي في أي موضع من الجملة وقع ذلك الضمير ؛ فإذا قلت : " أزيدا ضربت عمرا وأخاه" ، ف" عمرو" منصوب ب" ضربت" ،