و" أخاه" عطف عليه ، ف" عمرو" و" الأخ" منصوبان ب" ضربت" متصلان به داخلان في جملته ، فصار بمنزلة قولك : " أزيدا ضربت أخاه" ، ولو قلت : " أزيدا ضربت عمرا في داره" ، لكان الوجه أيضا النصب ؛ لأن قولك : " في داره" ظرف وقع فيه الضرب فهو في جملة" ضربت" ، وكذلك إذا قلت : " أزيدا ضربت رجلا يحبه" ، ف" يحبه" نعت لرجل ، والنعت والمنعوت يتسلط عليهما عامل واحد. ف" يحبه" في جملة" ضربت" فصار الاسم المنصوب ب" ضربت" من سبب الاسم الأول ؛ إذ كان في جملته عائد إليه ، لو كان الذي يلي الاسم جملة ليس فيها ذكر له ، ثم جئت بجملة أخرى ، فعطفتها على الجملة الأولى ، وفيها ذكر للاسم لم يجز ، وذلك قولك : " أزيدا ضربت عمرا وضربت أباه" ، لأن قولك : " وضربت أباه" جملة أخرى ، والجملة الأولى قد مضت بلا ذكر.
قال : (وإذا أردت أن تعلم التباسه به ، فأدخله في الباب الذي تقدم فيه الصفة ، فما حسن تقديم صفته فهو ملتبس بالأول ، وما لا يحسن فليس ملتبسا به).
قال أبو سعيد : اعلم أن الجملة قد تكون نعتا للنكرة وقد ينعت الاسم بفعل سببه ، فيجري النعت على إعراب الأول ، ويرتفع سببه بفعله ، وذلك قولك : " مررت برجل أبوه قائم" ، " فأبوه قائم" نعت لرجل ، وفيها ذكر يعود إليه ، والقيام للأب ، فيجوز تقديم القيام وإجراؤه على" رجل" ورفع" الأب" به ، فتقول : " مررت برجل قائم أبوه" ، وكذلك" مررت برجل عمرو قائم في داره" ؛ لأن" عمرو قائم في داره" جملة فيها ذكر يعود إليه ، فتقول على هذا : " مررت برجل قائم في داره عمرو" ، ولو قلت : " مررت برجل عمرو قائم" لم يجز أن يكون نعتا لرجل ، إنما يكون على أنك قطعت الكلام وخبّرت بخبر ثان ، فلو قلت : " مررت برجل قائم عمرو" لم يجز.
فقال سيبويه : (إذا أردت أن تعلم الملتبس ، فتقدم فعل الثاني ، فإن صلح أن يكون نعتا للأول ، فهو ملتبس به ، وإن لم يصلح ، فليس بملتبس به).
ثم قال : (ألا ترى أنك تقول : " مررت برجل منطلقة جاريتان يحبهما" ، و" مررت برجل منطلق زيد وأخوه").
" فمنطلقة" : نعت ل" رجل" ، والفعل للجاريتين ؛ لأن في" يحبهما" ضميرا مرفوعا يرجع إلى الرجل ، و" مررت برجل منطلق زيد وأخوه" ، فتصف الرجل بانطلاق زيد وأخيه ؛ لأنهما مرفوعان بفعل واحد.