كان" إياهما" ضميرا منفصلا ؛ لأن الضمير المنفصل أقوى من الضمير المتصل في تعدي الفعل إليه ؛ ألا ترى أنك إذا قلت : " ظننتني منطلقا" ، ثم قدّمت لقلت : " إياي ظننت منطلقا" إذ كان لا يمكن اتصال الضمير وهو قبل الفعل.
قال : وتقول : " أأنت حسبتك منطلقا" ، و" أإياك حسبتك منطلقا" فتحمل الضمير الأول إن شئت على التاء في" حسبتك" ، فتقول : " أأنت" وإن شئت على الكاف ، فتقول : " أإياك".
قال : (وتقول : " عبد الله أخوك يضربه" كما فعلت في قولك : " أأنت زيدا ضربته" ؛ لأن الاسم ها هنا بمنزلة مبتدأ ليس قبله شيء).
يعني : أنك لا تنصب" الأخ" ، وإن كانت الهاء في" تضربه" تعود إليه.
وعلى مذهب الأخفش" أعبد الله أخاه يضربه" ، على تقدير : أتضرب عبد الله أخاه تضربه ، وقد مضى الكلام في هذا.
قال : (فإن نصبته على قولك : " زيدا ضربته" ، قلت : " أزيدا أخاه تضربه").
يعني من قال : " ضرب زيدا ضربه" في الابتداء ، وإن كان الاختيار غيره ، قال هاهنا : " أزيدا أخاه تضربه" ؛ لأن" الأخ" بمنزلة مبتدأ إذ كان" زيد" قد حال بينه وبين ألف الاستفهام.
قال : (فأما قولك : " أزيدا مررت به" ، فبمنزلة قولك : " أزيدا ضربته". والرفع في هذا أقوى منه في قولك : " أعبد الله ضربته" وهو أيضا قد يجوز ، إذا جاز هذا ، كما كان ذلك فيما قبله من الابتداء ، وفيما جاء بعد ما بني على الفعل ، وذلك لأنه ابتدأ" عبد الله" ، وجعل الفعل في موضع المبني عليه كأنه قال : " أعبد الله أخوك").
أما قوله : " أزيدا مررت به" ، بمنزلة قولك : " أزيدا ضربته" ، وقد بيّنا ذلك ، وإن كنا ننصب" زيدا" في قولنا : " أزيدا مررت به" بإضمار فعل يتعدى بغير حرف ، كأنا قلنا : " أجزت زيدا مررت به".
وقوله : (والرفع في هذا أقوى منه في : " أعبد الله ضربته").
يعني : أن قولك : " أزيد مررت به" ، أقوى من قولك : " أزيد ضربته" ؛ لأن الفعل لم يصل إلى ضميره في" مررت" إلا بحرف ، وفي" ضربت" قد وصل بغير حرف ، فبعد الاسم الأول في المرور أكثر من بعده في الضرب وقد بيّنا هذا.