وبهذا الجواب : من بيان فكرة التعويض تخف حدة الإِشكال المذكور . فإن المصلحة الخاصة تذوب في المصلحة العامة رعاية لحفظ وحدة المجتمع ، وحفاظاً على الإِطار العام الذي تحدده الشريعة في هذا الخصوص . وعوداً لموضوعنا من بحث أنواع الابتلاءات الدنيوية ، والتي لا يقوى الإِنسان على تحملها . نعود لنذكر :
القسم الثالث : مما جاء في فقرات الدعاء وهو ( المكاره ) حيث ورد في قوله :
« وما يجري فيها من المكاره على أهلها » .
والمكاره : جمع ( الكره ) بالفتح ، وهو المشقة .
وتنشأ المكاره من عوامل : ( الفقر ، والخوف ، والضيق ، وبقية ما يكون حصوله موجباً للمشقة للإِنسان ، وقد لا يخلو الإِنسان من كثير من هذا النوع ، وغيره من المضايقات مما يضيق به ذرعاً . وقد جاء في بعض الأدعية ما عدد به الدعاء نعم الله على الداعي حيث عافاه مما ابتلى به غيره ، ومن ذلك :
« إلۤهي وكم من عبدٍ أمسى ، وأصبح ، خائفاً ، مرعوباً ، مشفقاً ، وجلاً هارباً ، طريداً ، منجحراً في مضيق ، ومخبأة من المخابيء ، وقد ضاقت عليه ضارباً برحبها لا يجد حيلة ، ولا منجىً ، ولا مأوىً ، وأنا في طمأنينةٍ ، وعافية من ذلك كله .
إلۤهي ، وسيدي ، وكم من عبدٍ أمسى ، وأصبح ، مغلولاً ، مكبلاً في الحديد بأيدي العداة لا يرحمونه فقيداً من أهله ، وولده منقطعاً عن إخوانه ، وبلده يتوقع كل ساعة بأي قتلة يقتل ، وبأي مثلة يمثل به ، وأنا في عافية من ذلك كله » .