إنه منتهى الإِلتماس يطلبه المعذبون من خزنة جهنم ، والموكلين بها يريدون أن يكونوا شفعاء لله في تخفيف يوم واحد من العذاب عنهم ليهدئوا من حرها ، وسعيرها .
وهل وجدت الضراعة طريقاً لها تحقق آمال هؤلاء البؤساء .
ويأتي الجواب واضحاً بالسلب ، فأنى لخزنة جهنم ان يشفعوا لهم لأنهم ليسوا بتلك المنزلة التي تخولهم الشفاعة بل كانت النتيجة هي الحوار التالي : ( قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ ) (١) .
والمراد بالبينات في سؤال الخزنة هي : الأنبياء ، والمرسلون الذين بلغوا الأحكام ، وبينوا الحقائق عن الله عز وجل فلم يدعوا شيئاً من أحكام الشرائع إلا وقد أوصلوه الى البشر فليس هؤلاء المعذبون بقاصرين بل مقصرين لذلك كان جوابهم لخزنة جهنم :
« قالوا : بلى » (٢) .
وماذا بعد « بلى » ، والإِعتراف ببلى ، أو نعم ، أو ما شاكل مما لا مجال معه لكل توقف .
إن جواب الخزنة لهم بعد الإِعتراف كان يحمل بين طياته كل معاني التعجيز ، والإِزدراء ، والمهانة لذلك :
« قالوا فأدعوا » (٣) .
ولكن لتعلموا أن دعاءكم لا جدوى فيه لماذا ؟
« وما دعاء الكافرين إلا في ضلال » (٤) .
__________________
(١) سورة المؤمن : آية (٥٠) .
(٢ ـ ٣ ـ ٤) من تمام الآية السابقة (٤٩) من سورة المؤمن .