وللوقوف على حقيقة ذلك كله لا بد من اللجوء الى مصادر أخرى غير الدعاء .
والآن من الاجمال الى التفصيل في هذه المقاطع الثلاثة :
« فبعزتك يا سيدي اقسم صادقاً لئن تركتني ناطقاً لاضجن اليك بين أهلها ضجيج الآملين ، ولاصرخن اليك صراخ المستصرخين ، ولابكين عليك بكاء الفاقدين » .
وعندما يناجي الداعي ربه ، ويقول له « أقسم صادقاً » يعلم انه يناجي رباً مطلعاً على ما في ضميره من صدق نيته ، واقدامه على ما يقول لو تركه الله ناطقاً بعد دخوله النار ، فيقيم جهنم ، ويقعدها من جزعه ، وضجيجه ، وصراخه ، ويطلب العفو منه ، ويتضرع اليه ومن هذه الفقرة في قوله : « لئن تركتني ناطقاً » يظهر لنا أن المعذبين ليس لهم القدرة على النطق لقوله : « لئن تركتني » . أي أن نطقي هناك معلق على إذن ربي ، والتعليق المذكور يأتي نتيجة لأحد أمرين !
الأول : ان عدم النطق لأَن النار كما يصرح القرآن الكريم :
( وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ) (١) .
واذا كان الماء الذي طريق دخوله الى الجوف من الفم يشوي الوجوه من شدة حرارته ، ولهبه فكيف بالحلق ، واللسان ؟ واين
__________________
(١) سورة الكهف : آية (٢٩) .