الذي تقول به الكرامية من الاكتفاء بكلمتي الشهادة من دون اعتبار للتصديق ، وسائر الأعمال الجوارحية .
ان هذا الرأي يرده صريح الآية الكريمة في قوله تعالى : ( قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَـٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ) (١) .
إن الاكتفاء بكلمتي الشهادة ليس هو الإِيمان ، بل هو علامة من علامات الإِسلام وان من قال هاتين الكلمتين ترتب عليه آثار الإِسلام من إحترام ماله ، ودمه ، وعرضه . أما اعتباره مؤمناً فان الآية فرقت بين هذين المفهومين : الإِيمان ، والإِسلام ، وأما الاقوال الستة الباقية ؛ فبالامكان القول بانه لا تنافي فيما بينها ، وان كان لا بد من اختيار القول الأول منها . وهو ان حقيقة الإِيمان هو التصديق بالقلب فقط . وأما الإِقرار باللسان ، أو أعمال الجوارح ، وما شاكل من هذه الأمور فانها عوامل تنبيء عن حصول الإِيمان بالقلب ، فمن قال كلمتي الشهادة ، وكانت أعماله الجوارحية مظهرها العمل بالطاعات ، والقيام بما تفرضه الشريعة المقدسة فان من ذلك يعلم أن التصديق حاصل لمثل هذا الشخص . وإلا فان الإِيمان الحقيقي لا يتعدى التصديق بالقلب بالله ، وبرسوله ذلك التصديق الذي لا يرد عليه شك ، ولا ارتياب ، التصديق المطمئن الثابت المستقر الذي لا يتزعزع ، ولا يضطرب ولا تهجس فيه الهواجس ، ولا يتلجلج فيه القلب والشعور .
__________________
(١) سورة الحجرات : آية (١٤) .