من حلمك أم كيف تؤلمه النار وهو يأمل فضلك ورحمتك أم كيف يحرقه لهيبها وأنت تسمع صوته وترى مكانه » .
وفي مناجاة الداعي مع ربه بهذه الفقرات يوجه الدعاء مسيرة التعطف الى استعمال القاعدة العرفية ، والممضاة من قبل الشارع المقدس نفسه ، والتي يطلق عليها بعملية الاستصحاب حيث يبقى الإِنسان ما كان على ما كان ما لم يتغير الموضوع في الزمانين . ويأتي استفهام الداعي بقوله :
« فكيف يبقى في العذاب » . تطبيقاً لهذه القاعدة ، فإن العبد قد تعود من حلم الله ما جرأه على الأقدام على الذنب . وإذاً فهو يطالب بذلك الحلم ، والاعضاء السابق من رب جليل على عبد مذنب ، والموضوع هو نفسه لم يتغير .
عبد تجرأ على ربه ، وقد ساقه على ذلك ستر ربه المرخى عليه ذلك الستر الذي نوه عنه أمير المؤمنين الامام علي بن أبي طالب ، ( عليه السلام ) وهو يناجي ربه بقوله :
« فوعزتك وجلالك ما أردت بمعصيتي إياك مخالفتك ، ولا عصيتك إذ عصيتك ، وأنا بمكانك جاهل ، ولا لعقوبتك متعرض ، ولا بنظرك مستخف ، ولكن سولت لي نفسي ، واعانني على ذلك شقوتي وغرني سترك المرخى علي فعصيتك وخالفتك بجهدي » (١) .
وهذا الستر هو فضل الله على عبده بالاعضاء عن سيئاته .
__________________
(١) فقرات من مناجاة أمير المؤمنين في صلاة الليل .