وقال الزجاج : الزبانية : الغلاظ الشداد ، وهم هؤلاء الملائكة الذين قال تعالى عنهم ( عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ ) (١) .
وقد جاء في الأخبار ذكر صور مرعبة للزبانية ، وفي التعبير عنهم في الآية الكريمة بقوله تعالى : ( غِلَاظٌ شِدَادٌ ) ما يكفي لبث الرعب في النفس ، وهي تتغلغل بين أطباق جهنم تنهره مثل هذه الملائكة فهل لمن ينادي : يا رب ، ويلجأ اليه أن يكون مصيره الانتهار ، والطرد من هؤلاء الملائكة الغلاظ الشداد ؟
« أم كيف يرجو فضلك في عتقه منها فتتركه فيها » .
وليس الرجاء من الداعي مجرد طلب ، والتماس ، بل هو مطالبة بما وسم به تعالى نفسه من أنه لا يجيب رجاء من رجاه ، ولا يترك من قصده يأمل فضله لذلك نرى الداعي يعود ليقول :
« هيهات ما ذلك الظن بك ، ولا المعروف من فضلك » .
والتعبير بقوله : « ما ذلك الظن بك » كلمة يستعملها الإِنسان في مقام معاتبة من يريد توجيه العتاب اليه ، وهكذا ما عطف على هذه الجملة من قوله : « ولا المعروف من فضلك » .
وإلا فان الداعي يقطع بان ذلك الحكم التأديبي عليه من قبل الله ليس فيه حيف ، أو ميل عليه ، بل هو مقتضى ما عمله من المخالفات ، ولكنه يغالط نفسه ، فيركن الى حلم الله ، وعفوه
__________________
(١) لسان العرب : مادة ( زجر ، وزيخه ) .