منها قد حكم بهذه الصفة على غير الكافر كالزاني ، وقاتل النفس ، وآكل الربا إلا ان من يتتبع موارد تلك الآيات يجد المبحوث عنه فيها هو : الكافر إضافة الى هذه الصفة الثانية ، فتكون صفة الخلود لدى النتيجة قد خص بها الكفار ، وعلى سبيل المثال ، فلنقف بين يدي الآية التالية ، وهي قوله تعالى :
( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّـهِ إِلَـٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّـهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ) (١) .
وقد قيل فيها : أن الآية أخبرت عن خلود الزاني ، والقاتل للنفس المحترمة في النار كما يعطي ذلك قوله ( وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ) .
ولكن الصحيح هو عدم ورود الأَشكال المذكورة ، وذلك لأن الآية بظاهرها تحدثت عن فئتين ، أو فئة واحدة بجانبيها السلبي والايجابي . فبدأت بالذين لا يدعون مع الله إلۤهاً آخر ، ولا يتعرضون لقتل النفس المحترمة ، ولا يتعاطون عملية الزنا فعطفتهم على ما سبق من الآيات حيث كانت تتحدث عن الذين اذا أنفقوا لم يسرفوا ، ولم يفتروا ، وعلى الذين يقولون ( رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ ) ، وهؤلاء هم : ( وَعِبَادُ الرَّحْمَـٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا ) . وسياق الآيات هو مدحهم ، والتحدث عن محاسنهم .
وبعد ذلك بدأت في الأخبار عن ان من يفعل ذلك ، والاشارة في قوله « ذلك » الى ما سبق قريباً ، والمشار اليه من يتحلى بهذه
__________________
(١) سورة الفرقان : آية (٦٨) .