وجوهر الظلمة : لم يزل يولد الأولياء ، وهم الملائكة لا على سبيل التناكح ، بل على سبيل تولد الحكمة من الحكيم ، والضوء من المضيء وجوهر الظلمة لم يزل يولد الأعداء ، وهم الشياطين على سبيل تولد السفه من السفيه لا على سبيل التناكح .
فهذه أقوال من جعل الملائكة أشياء متحيزة .
وأمال الثاني : وهو أن الملائكة ذوات قائمة بأنفسها ، وليست بمتحيزة ولا بأجسام فهنا قولان :
أحدهما : قول النصارى ، وهو أن الملائكة في الحقيقة هي الأنفس الناطقة بذاتها المفارقة لأَبدانها على نعت الصفاء ، والخبرة . وذلك لأن هذه النفوس المفارقة ان كانت صافية خالصة ، فهي الملائكة وان كانت خبيثة كدرة ، فهي الشياطين .
وثانيهما : قول الفلاسفة . وهو أنها جواهر قائمة بأنفسها ليست بمتحيزة ، وأنها بالمهية مخالفة لأنواع النفوس الناطقة البشرية ، وأنها أكمل قوة منها ، واكثر علماً ، وأنها للنفوس البشرية جارية مجرى الشمس بالنسبة الى الأضواء .
ثم ان هذه الجواهر على قسمين :
منها : ما هي بالنسبة الى أجرام الافلاك ، والكواكب كالنفوس الناطقة بالنسبة الى أبداننا .
ومنها : ما هي اعلى
شأناً من تدبير أجرام الافلاك ، بل هي مستغرقة في معرفة الله ، ومحبته ، ومستقلة بطاعته ، وهذا القسم هم الملائكة المقربون . ونسبتهم الى الملائكة الذين يدبرون السماوات