ولماذا هذا العدد الهائل ؟ وكان بالإِمكان ان يزود الله جبرائيل بجناحين فقط ويزوده بطاقة يتمكن بواسطتها من أداء مهمة الاجنحة الستمائة ، أو نقول : لا حاجة الى الجناح ، بل كان بالإِمكان أن يكون جبرائيل يصعد الى السماء ، ويهبط الى الأرض بغير جناح ، وإنما بقدرته كما حدث ذلك للنبي سليمان بن داود ( عليهما السلام ) عندما أراد حضور ملكة سبأ بلقيس عنده فخاطب أعوانه قائلاً :
( قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ .
قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ . قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) (١) .
ولنأخذ في حسابنا مدى السرعة التي زود بها هذا الذي أطلق عليه القرآن اسم « من عنده علم الكتاب » وهو عبد من عباد الله ليأتي بعرش الملكة بلقيس قبل أن يطبق سليمان جفناً على جفن من عينيه . وهل يعقل أن يكون ذلك بطرق عادية لولا الطاقة الربانية التي زود بها هذا العبد ؟
ولماذا لم يكن جبرائيل مثله ؟ وهكذا بقية الملائكة الذين قالت عنهم الاحاديث المروية من قبل الفريقين بأنهم مزودون بأجنحة تزيد على ما زود به جبرائيل من الستمائة جناح ، وربما كان لهم من الحجم ما لا تصدق عقولنا ، ونحن نسمع الحديث يقول :
« بأن ما بين شحمتي أذني بعض الملائكة مئات الأميال
__________________
(١) سورة النمل : الآيات (٣٨ ، ٣٩ ، ٤٠) .