وقد قال بعض المؤرخين : إن هذا أول عويل في فاجعة الحسين عليهالسلام.
٢ ـ نقل الشيخ المفيد في « إرشاده » أيضاً الرواية التالية : « قال علي بن الحسين عليهماالسلام : إني لجالس في تلك العشية التي قتل ابي في صبيحتها وعندي عمتي زينب تمرضني ، إذ اعتزل أبي في خباء وعنده جوين مولى أبي ذر الغفاري ، وهو يعالج سيفه ويصلحه وأبي يقول :
يا دهر أف لك من خليل |
|
كم لك بالاشراق والأصيل |
من صاحب أو طالب قتيل |
|
والدهر لا يقنع بالبديل |
وإنما الأمر الى الجليل |
|
وكل حي سالك سبيلي |
فأعادها مرتين أو ثلاثاً حتى فهمتها وعرفت ما أراد ، فخنقتني العبرة فرددتها ولزمت السكوت ، وعلمت أن البلاء قد نزل ، وأما عمتي فلما سمعت ما سمعت وهي امرأة ، ومن شأن النساء الرقة والجزع ، فلم تملك نفسها أن وثبت تجر ثوبها وإنها لحاسرة ، حتى انتهت إليه فقالت : واثكلاه ليت الموت أعدمني الحياة ، اليوم ماتت أمي فاطمة وأبي علي وأخي الحسن ، يا خليقة الماضي وثمال الباقي. فنظر إليها الحسين عليهالسلام فقال لها : يا أخية لا يذهبن حلمك الشيطان ، وترقرقت عيناها بالدموع وقال : لو ترك القطا لنام (١) ؛ فقالت : يا ويلتاه! افتغتصب نفسك اغتصاباً؟ فذاك اقرح لقلبي وأشد على نفسي. ثم لطمت وجهها وهوت الى جيبها فشقته وخرت مغشياً عليها.
فقام اليها الحسين فصب على وجهها الماء وقال لها : يا أختاه! اتقي الله وتعزي بعزاء الله ، واعلمي أن أهل الأرض يموتون ، وأهل السماء لا يبقون ، وأن كل شيء هالك إلا وجهه .. » (٢).
٣ ـ جاء في الصفحة «٩٥» من كتاب ( نهضة الحسين ) لمؤلفه العلامة السيد
__________________
(١) يضرب مثلاً للرجل يستثار فيظلم. انظر جمهره الامثال للعسكري ٢ : ١٩٤.
(٢) ارشاد المفيد ٢ : ٩٣ ، مقتل الحسين لابي مخنلف : ١١٠ ، تحقيق حسن الغفاري.