أصالة طهارة الإناء الأصفر في الظرف المتأخّر ـ ولنفرضه الساعة الثانية ـ لا يكفي فيه حدوث العلم الإجمالي التدريجي في الساعة الاولى ؛ لأنّ العلم في زمانٍ لا يوجب سقوط الأصل في زمانٍ آخر بالضرورة ، وإذن فأصالة الطهارة في الساعة الثانية النافية لنجاسة الأصفر في ذلك الزمان ليست ساقطةً بمنجّزٍ سابق على العلم الإجمالي الجديد بحسب الزمان ، بل بمنجِّز في عَرْضه ، وهو بقاء العلم الإجمالي الأول ، ولا مرجِّح لاستناد التنجيز إلى هذا البقاء دون العلم الإجمالي الحادث.
وبهذا البيان يندفع ما يمكن أن يقال من أنّ العلم الإجمالي بحدوثه عند الزوال ينجّز القطعات المتأخّرة ، ولكن مشروطاً بشرطٍ متأخّر ، وهو بقاؤه إلى ذلك الزمان ، ومعنى تنجيزه بحدوثه منعه عن جريان الأصل النافي للقطعات المتأخّرة من نجاسة الأصفر في ظرف حدوثه ، فإنّ القطعات المتأخّرة من نجاسة الأصفر مشمولة للأصل النافي في نفسها من حين الزوال ، ولا يشترط في جريان الأصل النافي لها أن يأتي زمانها المتأخّر ، بل مقتضى دليل الأصل حين الزوال ـ أي حين حدوث العلم الإجمالي بنجاسة أحد الإناءين ـ جريان الأصل النافي لنجاسة الأصفر في جميع الأزمنة ، وبسائر حصصها المتأخرة ، والعلم الإجمالي بنجاسة أحد الإناءين يكون مانعاً عن ذلك.
فقد ثبت بذلك : أنّ العلم الإجمالي الحاصل حين الزوال بنفسه وبحدوثه يكون مانعاً عن جريان الأصل النافي لسائر قطعات نجاسة الأصفر ، لا أنّه ببقائه يكون كذلك ، إذ أنّ اقتضاء الدليل للأصل النافي لسائر القطعات المتأخّرة حاصل من حين الزوال ، فيكون العلم الإجمالي الأول هو المانع عن فعليته وثبوت مدلوله ، وبعد ذلك لا يبقى معارض للأصل في الملاقي حين حدوث الملاقاة.
ووجه اندفاع هذا الإشكال : أنّ كلّ علمٍ في أيّ زمانٍ إنّما يمنع عن جريان