الأطراف مع قطع النظر عن الترخيصات المزبورة ، ليتحقّق بعد ذلك موضوع الترخيص بالإضافة الى طرفٍ آخر.
لأنّه يقال : إنّه لا يلزم استناد المكلّف الى مؤمِّنٍ خارجي ، ضرورة أنّ المكلف يعلم بأنّه إذا أتى بفعلين وترك الثالث فلا شيء عليه ببركة تلك الترخيصات المشروطة ، إذ يكون كلّ من الارتكابين محقِّقاً لشرط الترخيص في الارتكاب الآخر ، فلا محالة مع علمه هذا تنقدح في نفسه الإرادة الى ارتكاب فعلين ، من دون حاجةٍ إلى مؤمِّنٍ آخر غير نفس الترخيصات المفروضة.
على أنّه لو سلِّم أنّها لا تؤمِّن من ناحية أحد الارتكابين نفرض أنّ المكلف ارتكب أحد الأطراف أولاً بلا استنادٍ إلى مؤمِّن ، فمقتضى الترخيصات المزبورة جواز الإتيان بأحد الطرفين الآخرين ، بحيث لو كان الواقع منطبقاً عليه لَما عوقِب على عصيانه لاستناده إلى المؤمّن.
هذا كلّه لو فرض أنّ المحذور في الترخيص الفعلي القطعي في مخالفة الواقع.
وأمّا إذا قيل بأنّ المحذور إنّما هو في الترخيص القطعي في الحرام ولو مشروطاً فالنقض المزبور لا يرد ، كما هو واضح ، إذ الترخيص المشروط في مخالفة الواقع ثابت جزماً فيه أيضاً ، إلّا أنّ مقتضى ذلك أنّه لو علم إجمالاً بنجاسة مائعٍ أو ماءٍ ، وكان الماء مجرىً للاستصحاب في نفسه ، والمائع مجرىً لأصالة الطهارة فقط ، أن يجري استصحاب الطهارة في الماء بلا معارض ، مع أنّه لا يلتزم به أحد ، إذ الأساطين بين من يقول بسقوط الاستصحاب والقاعدة معاً في طرف الماء بالمعارضة (١) ، وبين من يقول بسقوط الاستصحاب بالمعارضة وجريان
__________________
(١) منهم المحقّق النائيني في فوائد الاصول ٤ : ٤٨