والحاصل : أنّه إن قيل : إنّ الترخيص المشروط في أطراف العلم محال مطلقاً ، ولو فرض أنّه سنخ ترخيصٍ اخذ بنحوٍ لا يصل إلى مرتبة الفعلية أصلاً ففي المقام يحصل التكاذب في دليل أصالة الطهارة ، من دون أن يتوقّف ذلك على سقوط الاستصحاب بالفعل ؛ لأنّه يدلّ على الترخيص الفعلي في المائع والترخيص المشروط بعدم الأصل الحاكم في الماء ، وهاتان الدلالتان لا يمكن الأخذ بهما ؛ لأنّ نتيجتهما ثبوت الترخيص في جميع أطراف العلم ولو مشروطاً ، والمفروض أنّ الترخيص المشروط كذلك غير معقولٍ أيضاً وإن قيل بأنّ المحال إنّما هو في الترخيصات الفعلية في الأطراف.
وأمّا إذا كان أحدها مشروطاً ـ كما في المقام ـ فلا استحالة فلا محيص عن شبهة التخيير ببعض الأنحاء فيما إذا كانت أطراف العلم ثلاثة ، إذ يمكن إجراء الاصول بنحو التخيير هناك ، بحيث ينتج ترخيصات مشروطة في الأطراف يمتنع فعليتها جميعاً.
الجهة الرابعة : في البحث عن أصل المطلب ، أي سقوط الأصل الطولي بالمعارضة مع الأصل في الطرف الآخر ، أو عدم سقوطه وجريانه بعد تساقط الحاكم مع الأصل الآخر.
والتحقيق فيه تبعاً له ـ دام ظلّه ـ وللمحقّق النائيني قدسسره السقوط ، إلّا أنّ ما افيد في الفوائد (١) لتقريب ذلك ـ من : أنّ تعارض الاصول إنّما هو باعتبار مؤدّياتها ، والمؤدّى في كلٍّ من استصحاب الطهارة وقاعدتها أمر واحد وهو طهارة المشكوك ، والمفروض عدم إمكان جعل الطهارة في كلٍّ من الإناءين فكلٌّ من مؤدّى الاستصحاب والقاعدة يعارض مؤدّى القاعدة في الإناء الآخر ...
__________________
(١) فوائد الاصول ٤ : ٤٨