الأصل التنزيلي لاستصحاب عدم الدَّين ـ مثلاً ـ يقتضي بإطلاق التنزيل فيه ترتّب جميع الآثار الشرعية لهذا العدم التي منها وجوب الحجّ ، فإنّه أثر شرعي لعدم الدَّين الذي هو مدلوله المطابقي ، وحينئذٍ فيرفع اليد عن المدلول المطابقي لدليل الأصل التنزيلي ، وهو نفي التكليف بالدَين ظاهراً ، ويؤخذ بمدلوله الالتزامي وبإطلاق التنزيل فيه ، الذي هو من شئون المدلول المطابقي وهو وجوب الحجّ ، وحينئذٍ ينحلّ العلم الإجمالي ، وفي الرتبة المتأخّرة يؤخذ بالمدلول المطابقي ، إذ في هذه المرتبة لا يبقى مانع عن نفي الدَّين بعد انحلال العلم الإجمالي في المرتبة السابقة بالمدلول الالتزامي لدليل الأصل.
والحاصل : أنّ دليل استصحاب عدم الدَّين يكون له مدلولان : أحدهما مطابقيّ وهو نفي الدَّين ، والآخر ثابت بإطلاق التنزيل وهو وجوب الحجّ ، فيؤخذ بالمدلول الثاني أوَّلاً ثمّ الأول.
وأمّا في الثاني فلا يأتي البيان السابق لتصحيح إجراء أصالة الحلّية ، إذ دليل أصالة الحلّية لا يتكفّل لتعبّدين : أحدهما بالحلّية ، والآخر بأثرها ليؤخذ بالتعبّد الثاني أوَّلاً ، بل لا بدّ من الالتزام بالأخذ بالمدلول المطابقي له وهو الحلّية والترخيص ، إلّا أنّ هذه الحلية ليست مجعولةً بلحاظ التوسعة والمعذّرية ، بل يكون الغرض منها مجرّد ترتّب الوجوب الذي هو أثرها عليه ، فلا بأس بجعل هذا السنخ من الحلّية في طرف ، ولا موجب للالتزام برفع اليد عن دليل الأصل بالمرّة.
وأمّا في الثالث فتنجيز العلم الإجمالي بحدِّ ذاته غير معقول ؛ لأنّ منجّزية كلّ علمٍ لطرفٍ ملازم لمنجّزيته للطرف الآخر ، وفي المقام منجّزية العلم الإجمالي في أحد الطرفين توجب الجزم بعدم وجود الطرف الآخر واقعاً ... الى آخره.
ويرد عليه أوّلاً : أنّ تنجيز العلم الإجمالي في الصورة الثانية ـ أي فيما إذا