الآية : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ)(١).
فقه الحياة أو الأحكام :
دلّت الآية على عظم جريمة الشرك ، وأنه لا مغفرة له ، وعلى فضل الله ورحمته بإمكان مغفرة بقية الذنوب لمن يشاء من عباده.
والشرك بالله قسمان :
١ ـ شرك في الألوهية : وهو اتّخاذ شريك مع الله تعالى ، وله سلطة وتدبير في الكون.
٢ ـ وشرك في الربوبية : وهو جعل سلطة التشريع وتبيان أحكام الحلال والحرام لله ولغيره من البشر بغير الوحي ، كما قال الله تعالى : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ) [التوبة ٩ / ٣١] ، وقد فسّر النّبي صلىاللهعليهوسلم اتّخاذهم أربابا بطاعتهم واتّباعهم في أحكام الحلال والحرام.
وفي الآية إيماء إلى اتّصاف أهل الكتاب بالشرك بتأليه العزير والمسيح ، وبجعل الأحبار والرهبان أصحاب السلطة في التحليل والتحريم.
والسبب في شناعة الشرك : أنه كذب محض وافتراء صريح ، وأنه وكر الخرافات والأباطيل ، ومنه تنشأ سائر الجرائم التي تهدم حياة الأفراد ونظام الجماعات ، ويتنافى مع رقي العقول ، وطهارة النفوس ، وصفاء الأرواح ، ويحجب نور الإيمان الصحيح عن النفاذ إلى القلب.
أما التوحيد ففيه عزّة النفس ، وتحرير الإنسان من العبودية لأحد من البشر أو لشيء في الكون ، والسمو بالذات البشرية إلى عبادة الله والاتّكال عليه
__________________
(١) قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب.