والذين آمنوا بالله ورسله ، وعملوا صالح الأعمال ، سيدخلهم ربّهم سريعا جنّات تجري من تحتها الأنهار ، يتمتعون فيها بالنعيم الدائم ، وهم خالدون فيها أبدا لا يحولون ولا يزولون ولا يبغون عنها حولا ، فلا ملل ولا سأم ولا ضجر ، جزاء لعملهم الصالح ، إذ لا يكفي الإيمان وحده بغير العمل الصالح.
ولهم أزواج بريئات من العيوب الجسدية والخلقية أو الطباع الرّدية ، فليس فيهنّ ما يعكر المزاج ، أو يكدر الصّفو. ونجعلهم في مكان ممتع ظليل لا حرّ فيه ولا برد ، وتلك نعمة كاملة ، ورفاهية تامة.
ويلاحظ الفرق بين التعبير عن جزاء الكافرين بسوف وعن ثواب المؤمنين بالسين ، ليفيد تحقق الثواب بسرعة ويقين ، ويبيّن بعد العقاب المنتظر للكافرين ؛ لأنهم في أهوال المحشر ربّما كانوا في عذاب أشد من عذاب النّار.
فقه الحياة أو الأحكام :
هاتان الآيتان تعقدان مقارنة واضحة بين مصير الفريقين : فريق الكافرين وفريق المؤمنين.
أما الكافرون : فعذابهم محقق ، والعذاب : هو تعذيب الأبدان وإيلام الأرواح. فإن قيل : كيف جاز أن يعذب جلدا لم يعصه؟ قيل له : ليس الجلد بمعذّب ولا معاقب ، وإنما العذاب للجملة الحساسة وهي التي عصت ، لا للجلد ، والألم واقع على النفوس ؛ لأنها هي التي تحس وتعرف ، فتبديل الجلود زيادة في عذاب النفوس. ولو أراد الجلود لقال : ليذقن العذاب.
وتبديل الجلود : أن تأكله النار كل يوم سبع مرات ، كما قال مقاتل. أو سبعين مرة كما قال الحسن البصري ، أو سبعين ألف مرة ، كلما أكلتهم قيل لهم : عودوا ، فعادوا كما كانوا.