وأشعر قوله : (فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) أن المتنازع فيه مما لا نص فيه ، وإلا كان واجب الطاعة ، غير محل للنزاع.
وردوا الشيء المتنازع فيه إلى الله ورسوله بعرضه على الكتاب والسنة إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ، فإن المؤمن لا يقدم شيئا على حكم الله ، كما أنه يقصد الآخرة ورضوان الله أكثر من حرصه على الدنيا. وهذا وعيد من الله لكل من حاد عن طاعة الله ورسوله ، والرد إليهما عند الاختلاف ، وهو في معنى قوله تعالى : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ) [النساء ٤ / ٦٥] وعن النبي صلىاللهعليهوسلم فيما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة : «من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن يطع أميري فقد أطاعني ، ومن يعص أميري فقد عصاني».
(ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) إشارة إلى ما أمروا به من طاعة الله ورسوله والرد إليهما عند التنازع ، وذلك أحسن تأويلا أي مآلا وعاقبة.
فقه الحياة أو الأحكام :
آية الأمانة والعدل من أمهات آيات الأحكام التي تضمنت جميع الدين والشرع. والأظهر أن الآية خطاب عام لجميع الناس ، فهي تتناول الولاة فيما إليهم من الأمانات في قسمة الأموال ، ورد الظلامات ، والعدل في الأقضية.
وهي تدل على أساسين من أسس الحكم في الإسلام ، ويتبع الأفراد الحكام :
الأول ـ أداء الأمانات إلى أهلها. أما الوديعة فلا يلزم أداؤها حتى تطلب. وأما اللقطة فتعرّف سنة ثم تستهلك وتضمن إن جاء صاحبها ، والأفضل أن يتصدق بها. وأما المأجور والعارية فيلزم ردهما إلى صاحبهما بعد انقضاء عمله ، قبل أن يطلبهما ، وأما الرهن فلا يلزم فيه أداء حتى يؤدى إلى الدائن دينه.