وخامسا ـ بيّنت الآية بعض أحوال مشروعية القتال مع الحضّ على الجهاد وهي ما يلي :
١ ـ القتال في سبيل الله : يفسره الحديث النّبوي الذي رواه الجماعة عن أبي موسى : «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله» أي أنه قاتل لإعلاء كلمة الدّين وإظهاره ، ورفع راية الإسلام المتضمنة توحيد الله ، وإقرار العدل والحقّ ، والدعوة إلى فضائل الأخلاق ، وعبادة الله الواحد القهّار وتعظيمه لا تعظيم أحد من البشر.
٢ ـ استنقاذ الضعفاء المؤمنين من عباد الله من براثن العدو : وهذا واجب وإن كان في ذلك تلف النفوس. ويكون تخليص الأسارى واجبا على جماعة المسلمين إما بالقتل وإما بالأموال ، وهو أوجب لكونها دون النفوس إذ هي أهون منها. قال مالك : واجب على الناس أن يفدوا الأسارى بجمع أموالهم. وهذا لا خلاف فيه ؛ لقوله عليه الصّلاة والسّلام فيما رواه أحمد والبخاري عن أبي موسى : «فكّوا العاني» أي الأسير. وكذلك قال العلماء : عليهم أن يواسوهم ، فإن المواساة دون المفاداة.
ومن أمثلة المستضعفين في التاريخ : من كان بمكة من المؤمنين تحت إذلال كفرة قريش وأذاهم وهم المعنيون بقوله عليه الصّلاة والسّلام : «اللهم أنج الوليد بن الوليد ، وسلمة بن هشام ، وعيّاش بن أبي ربيعة ، والمستضعفين من المؤمنين» ، وقال ابن عباس : كنت أنا وأمي من المستضعفين.
وما أمتع تلك المقارنة في أهداف القتال : المؤمنون يقاتلون في سبيل طاعة الله ، ومن أجل نشر دينه وأحكام شرعه فهو ناصرهم ووليهم ، والكافرون يقاتلون في سبيل الطاغوت (الشيطان وما يمثله من ظلم وخرافة وكهانة ودعوة إلى عبادة الأصنام والأوثان) فلا ولي لهم إلا الشيطان ، وكيد الشيطان للمؤمنين إلى